|

ملتقى الأكاديمية المالية 2025..وقود التحول الاقتصادي

الكاتب : الحدث 2025-10-09 06:10:52

د. طلال الحربي

شهد مركز الملك عبدالله المالي "كافد" في العاصمة الرياض انطلاق فعاليات "ملتقى الأكاديمية المالية 2025" ، تحت شعار "نبتكر لنمكِّن"، برعاية معالي رئيس مجلس هيئة السوق المالية ورئيس مجلس أمناء الأكاديمية المالية الأستاذ محمد بن عبدالله القويز، وبحضور نخبة من القيادات التنفيذية وصنّاع القرار والخبراء المحليين والدوليين في قطاع المال والأعمال. يأتي هذا الملتقى كمنصة استراتيجية رائدة تهدف إلى تعزيز الابتكار وتمكين الكفاءات الوطنية في القطاع المالي، انطلاقًا من دور الأكاديمية كمحرك رئيس لرأس المال البشري، وتكريسًا لرؤية المملكة 2030 في بناء اقتصاد متنوع ومستدام.

في كلمته الافتتاحية، أكد "القويز" أن المملكة تقف على أعتاب مرحلة اقتصادية تاريخية، تجاوزت فيها الاعتماد الأحادي على النفط، لتدخل حقبة التنوع والاستدامة، مشيرًا إلى أن مساهمة القطاع غير النفطي تجاوزت 50% من الناتج المحلي، في مؤشر على مرونة الاقتصاد وقدرته على النمو المتواصل. وأوضح أن هذا الزخم الاقتصادي يفرض أهمية قصوى لتأهيل وتطوير الكفاءات الوطنية، مشددًا على أن "الاعتماد الحقيقي لم يعد فقط على الموارد الطبيعية، بل على رأس المال البشري القادر على الابتكار والتكيّف".

منذ تأسيسها عام 2020، استطاعت الأكاديمية المالية أن تخدم أكثر من 120 ألف متدرب ومتدربة من 700 جهة ومؤسسة مالية، بينما تجاوز عدد الحاصلين على الشهادات المهنية عبرها 200 ألف مستفيد، مع امتداد خدماتها إلى أكثر من 10 مدن داخل وخارج المملكة. كما عقدت الأكاديمية شراكات مع أكثر من 50 جهة تدريبية محلية ودولية، مع أولوية لتعزيز دور الكفاءات السعودية التي شكّلت نحو 50% من المدربين، في إطار توجهها لرفع المحتوى المحلي وتطوير رأس المال البشري في القطاع المالي.

ركّز الملتقى في نسخته الحالية على أربعة محاور رئيسية، هي:
1. جعل الابتكار أداة استراتيجية لبناء منظمات مرنة وقادرة على مواكبة المتغيرات.
2. تطوير القيادة العليا القادرة على تحويل الرؤى إلى واقع ملموس.
3. تمكين كفاءات وطنية تقود مسيرة التحول في القطاع المالي.
4. مواءمة رأس المال البشري مع عصر الذكاء الاصطناعي، كخطوة ضرورية لاستشراف مستقبل القطاع.

كما تضمن الملتقى جلسات حوارية وورش عمل متخصصة، تتناول موضوعات مثل الذكاء الاصطناعي، والتحليل المالي، والقيادة في بيئة متغيرة، واستراتيجيات الابتكار المؤسسي، إلى جانب منصة "مسرح الإنماء" كمنصة مجتمعية مفتوحة تقدم جلسات تثقيفية وتفاعلية في موضوعات الوعي المالي والابتكار وإدارة الموارد.

وشهد الملتقى إطلاق خمس مبادرات استراتيجية، بالشراكة مع مؤسسات محلية ودولية رائدة، بهدف الارتقاء بمهارات الكوادر الوطنية وتعزيز الابتكار في القطاع المالي، وهي:

· مبادرة "الرئيس المالي القادم" بالشراكة مع مجموعة تداول السعودية، لتجهيز جيل جديد من الرؤساء الماليين.
· برنامج خريجي النخبة لإدارة الأصول بالشراكة مع شركة State Street العالمية، لإعداد كوادر متخصصة في إدارة الأصول.
· برنامج "رواد الخدمات المصرفية للشركات" بالتعاون مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية و"هدف".
· مبادرة "التوعية المصرفية وتنمية الكفاءات الوطنية" بالتعاون مع لجنة البنوك السعودية.
· مبادرة "صناعة مستقبل الإعلام المالي السعودي" بالتعاون مع المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام والأهلي المالية.

وأطلقت الأكاديمية خلال الملتقى تقريرًا جديدًا بعنوان "التعاقب الوظيفي في القطاع المالي – القيادة واستدامة الأعمال"، الذي يهدف إلى دعم المؤسسات في ضمان استمرارية القيادة في بيئة متغيرة. ويأتي هذا الإطلاق استكمالًا لسلسلة الإصدارات المعرفية للأكاديمية، التي تضم 8 تقارير معرفية تجاوز عدد زياراتها 2.8 مليون زيارة.

مثل "ملتقى الأكاديمية المالية 2025" تجسيدًا عمليًا لرؤية المملكة 2030، التي تضع تطوير رأس المال البشري في صلب أولوياتها. فمن خلال تمكين الكفاءات الوطنية وتعزيز الابتكار، لا يقتصر دور الملتقى على بناء قدرات الأفراد فحسب، بل يساهم في تحقيق التحول الاقتصادي الشامل، ويؤسس لمرحلة جديدة من النمو المستدام، حيث يكون القطاع المالي ركيزة أساسية لاقتصاد وطني متنوع، يقوده أبناء الوطن بقدراتهم وإبداعهم.