دعوة للقانون الدولي بتجريم الإرهاب من دول وأفراد ..
بقلم : البروفيسور ــ تركي بن عبيد
--------------------------------------
في ظل تصاعد التوترات الدولية وتكرار النزاعات المسلحة، يبرز الإرهاب كتهديد عابر للحدود يتجاوز الأفراد ليشمل الدول والأجندات السياسية الخفية. وفي هذا السياق، يدعو خبراء ودبلوماسيون إلى إغلاق الثغرات القانونية الدولية لمكافحة هذا الشر، معتبرين أن أي عمل إرهابي – سواء كان انتهاكًا لسيادة الدول أو احتلالًا أو قتلًا للأبرياء أو تهجيرًا قسريًا أو تدميرًا للخدمات الإنسانية – يمثل مخططًا فرديًا أو جماعيًا يهدف إلى زرع الفوضى والحرب بين البشر. ومن بين الأصوات البارزة في هذا المجال، تأتي المملكة العربية السعودية لتدعو الأمم المتحدة إلى تبني قانون شامل يجرم الإرهاب من مصادره المتنوعة، مستندة إلى خبرتها في مكافحة التطرف ..
و أن "مكافحة الشر لا تكون بالانحدار إلى مستوى الأسوأ، بل باتخاذ سبل سليمة تجرم كل من يعادي الإنسانية، سواء كان فردًا أو دولة تمارس الإجرام على نطاق واسع". وفي تصريحات سابقة شددت السعودية على أهمية تعزيز التعاون الدولي لسد الثغرات في قوانين مكافحة الإرهاب، خاصة في ظل التحديات المالية والتكنولوجية التي تواجه الجهود الوقائية.
وتأتي هذه الدعوة في وقت يشهد العالم أزمات متتالية تكشف عن هشاشة الإطار القانوني الحالي، مثل الصراعات الإقليمية التي تتخفى خلف ستار الإرهاب.
أمثلة حية: من كشمير إلى غزة
تُعد التوترات بين الهند وباكستان نموذجًا صارخًا لكيفية تحول الاتهامات بالإرهاب إلى أزمات نووية محتملة. في مايو 2025، اندلعت أزمة عسكرية قصيرة الأمد بين البلدين بعد هجوم إرهابي مدمر في كشمير أسفر عن عشرات الضحايا، مما دفع الهند إلى إطلاق ضربات صاروخية على أهداف باكستانية، في أول مواجهة عسكرية كبرى منذ عقود. ووصف محللون الواقعة بأنها "عصر جديد من التصعيد"، حيث أدت الاتهامات المتبادلة بالدعم الإرهابي إلى تهديد أمني إقليمي، مع تذكير بأن الصراعات السابقة في المنطقة غالبًا ما كانت مدفوعة بأجندات سياسية خفية تهدف إلى إثارة حرب كبرى ..
وفي الشرق الأوسط، تظل الاتهامات بالإرهاب محور النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث انهار اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس في مارس 2025، مما أدى إلى تصعيد عسكري جديد. وفي أحدث التطورات، وصفت تركيا تدخل إسرائيل في اعتراض قافلة إنسانية متجهة إلى غزة بأنه "عمل إرهابي ينتهك القانون الدولي"، فيما فرضت إسرائيل قيودًا مالية مشددة على الأراضي الفلسطينية بحجة مكافحة الإرهاب، مما أثار انتقادات أممية لانتهاكها لحقوق الإنسان. ويربط مراقبون هذه الأحداث بـ"فكر متطرف وأجندات خفية"
مشيرين إلى أن الإرهاب هنا ليس مجرد أفعال فردية، بل سياسات دولية تؤجج الصراعات لأغراض استراتيجية.
و الدعوة الدولية تلعب السعودية فيها دورًا رئيسيًا في هذا الملف، حيث ساهمت في إنشاء مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب (UNCCT) منذ 2011، ودعت في تقاريرها الأخيرة لعام 2025 إلى تعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة تمويل الإرهاب وتجنب الانتهاكات الحقوقية. ويأتي هذا في سياق انتقادات دولية لاستخدام قوانين الإرهاب في بعض الدول لقمع حرية التعبير، مما يعزز الحاجة إلى إطار قانوني متوازن يحمي الإنسانية دون السماح بالثغرات.
يُعد هذا القانون المقترح، الذي يشمل بنودًا لإغلاق أهداف الإرهاب المتنوعة، أهم تشريع عصري في القرن الحادي والعشرين، إذ يهدف إلى القضاء على التطرف من جذوره، سواء كان فرديًا أو دوليًا. ويأمل الداعون، بقيادة السعودية، أن يجد هذا القانون مكانه في جدول أعمال الأمم المتحدة قريبًا، ليكون "القفل الفعال" لأبواب الفوضى والدمار.
في النهاية يبقى السؤال: هل يمكن للعالم الاتحاد حول منهج سليم يجرم الإرهاب بكل أشكاله، أم سيظل الشر يجد طرقه الخفية لإثارة الحروب؟ الإجابة تكمن في الإرادة الدولية، وبإذن الله، سيكون السلام هو الغالب.