|

المعرفة المفتوحة تصنع مستقبل الابتكار

الكاتب : الحدث 2025-09-28 02:10:07

بقلم د. بجاد بن خلف البديري 


المعرفة المفتوحة أصبحت قوة محركة للتنمية والابتكار، فهي تتيح للباحثين والجامعات ورواد الأعمال حول العالم فرصة الوصول إلى مصادر المعلومات دون قيود، مما يسرّع وتيرة الاكتشافات، ويحفّز الإبداع، ويمنح المجتمعات القدرة على الانتقال إلى مستويات أعلى من الإنتاج والتنافسية.

الابتكار في عالم اليوم يمثل ضرورة اقتصادية ومجتمعية تفرضها سرعة التحولات التقنية والعلمية، وفي صميم هذه المسيرة يظهر حق الوصول إلى المعرفة كركيزة أساسية تمكّن المجتمعات من الانتقال من الاستهلاك إلى الإنتاج والإبداع، حيث أصبحت المعرفة موردًا مشتركًا يغذي الطاقات الكامنة ويطلق العنان للعقول المبدعة، مما يجعلها استثمارًا استراتيجيًا في مستقبل الأمم.

أثر انفتاح المعرفة يتجلى بوضوح في تسريع الاكتشافات العلمية، فإتاحة الأبحاث والدراسات أمام الجميع يفتح الباب أمام العلماء والباحثين للبناء على إنجازات الآخرين، ويوفر الجهد والموارد التي كانت تُهدر في تكرار التجارب، هذا النهج القائم على الابتكار المفتوح يزيل الحواجز الجغرافية والأكاديمية، ويعزز التعاون الدولي لمواجهة التحديات الكبرى، وقد ظهر ذلك بجلاء خلال جائحة كوفيد-19، حين أسهم تبادل البيانات والمعلومات بين فرق البحث العالمية في تطوير اللقاحات بسرعة وإنقاذ حياة الملايين.

وعلى المستوى المجتمعي، الوصول إلى المعرفة يشكل قوة تمكينية تعزز تكافؤ الفرص، فكل رائد أعمال طموح، مهما كان موقعه أو حجم موارده، يستطيع الاطلاع على أحدث التطورات التقنية ودراسات السوق وتحويل أفكاره إلى مشاريع واقعية. هذا الانفتاح يخلق اقتصادًا أكثر ديناميكية وشمولية، ويمنح الأفراد شعورًا بالقدرة على المساهمة في صناعة المستقبل.

إتاحة المعرفة تساهم كذلك في تعزيز الشفافية والمساءلة، فعندما تتوفر البيانات للمجتمع وصناع القرار، تتعزز الثقة العامة وتترسخ السياسات المبنية على الأدلة، وهو ما ينعكس إيجابًا على التنمية المستدامة واستقرار المؤسسات.

الاستثمار في البنية التحتية المعرفية يمثل خطوة استراتيجية لمواكبة العصر، فدعم المكتبات الرقمية، وتطوير منصات الأبحاث المفتوحة، وتسهيل الوصول إلى قواعد البيانات، كلها أدوات تتيح تدفقًا واسعًا للمعرفة، حيث إن المجتمعات التي تمنح هذا التدفق أولوية ستكون الأقدر على قيادة مسيرة الابتكار، وبناء مستقبل أكثر إشراقًا وازدهارًا للجميع.