د / طلال الحربي
-------------------------------- 

في ظل بيئة اقتصادية متسارعة النمو وتعدد صور الممارسات التجارية، تبرز وزارة التجارة السعودية كحارس أمين للإستقرار الاقتصادي، وحائط صد منيع ضد الممارسات المخالفة التي تستهدف المستهلك والتاجر الأمين على حد سواء. وتقف الوزارة، تحت قيادة معالي الوزير ومعالي النائب الدكتور إيمان والمخلصين من منسوبيها، في الصف الأمامي لمراقبة السوق وتطبيق الأنظمة، مؤكدة على مبدأين أساسيين: حماية المستهلك من الغش والاحتيال، وحماية التاجر الملتزم من المنافسة غير المشروعة.

تتجلى هذه الجهود المتوازنة في سلسلة من الإجراءات الرقابية والقضائية الصارمة. ففي حادثة حديثة، شهرت الوزارة بشركة للمواد الغذائية ومديرها في بريدة بعد حكم قضائي بإدانتهما بتنظيم مسابقة دون ترخيص، مخالفةً بذلك نظام مكافحة الغش التجاري. ولم تتردد محكمة الاستئناف بالقصيم في تأييد الحكم بفرض غرامة مالية ونشره على نفقة المخالفين، في رسالة واضحة بأن أي محاولة للالتفاف على الأنظمة ستواجه بعقوبات رادعة.

ولم تقتصر الرقابة على العالم التقليدي؛ بل امتدت إلى الفضاء الإلكتروني حيث ضبطت الوزارة متجرًا إلكترونيًا للعود والعطور أوهم المستهلكين بعروض وهمية للفوز بسيارة فاخرة، مما يعد إعلانًا مضللًا صريحًا. كما تم حجب متجر إلكتروني من خارج المملكة كان يبيع سبائك ذهبية مغشوشة مصنوعة من النحاس، مما يحمي السوق المحلي من المنتجات المزورة ويحفظ أموال المستهلكين.

وفي إطار حماية التاجر الملتزم من الممارسات التي تشوه المنافسة الشريفة، يواصل البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري حملاته المكثفة، حيث نفذ أكثر من 1500 زيارة تفتيشية في شهر أغسطس وحده، وأحال عشرات المخالفين. وبلغت ذروة الردع في قضية كبرى في القصيم تم فيها إدانة 6 أشخاص (مواطنين ومقيمين) في قضية تستر ضخمة، حيث صدر حكم قضائي نهائي بسجنهم وغرامتهم ومصادرة متحصلات الجريمة التي بلغت قيمة 239 مليون ريال و 26 سيارة، إلى جانب العقوبات التبعية من إغلاق للمنشآت وإبعاد للمتستر عليهم.

ولم تغفل الوزارة دورها التوعوي والتمكيني، فأطلقت خدمة الاستعلام الإلكتروني عن بيانات الوكالات التجارية، مما يضفي شفافية ويعزز ثقة المستثمرين. كما كشفت عن نتائج تقييم المتاجر الإلكترونية وفق معايير محددة، سجلت فيها نسبة امتثال بلغت 100% في معيار أمن المواقع، لدفع القطاع نحو التنافسية والجودة.

وحماية للصحة والسلامة، أعلنت الوزارة عن استدعاء أكثر من 71 ألف مركبة هيونداي لخلل خطير في الوسادة الهوائية، داعيةً الملاك للتوقف الفوري عن القيادة، في إجراء وقائي استباقي يضمن سلامة الأرواح.

من جولات على مكتبات القرطاسية مع بداية العام الدراسي للتأكد من وضوح الأسعار والبيانات، إلى ضبط مستودعات تغش في أغذية الأطفال وتعبئتها بتواريخ صلاحية مزورة، وضبط معامل ذهب تحمل علامات تجارية مزورة، تظهر وزارة التجارة بصورة المؤسسة الشاملة التي لا تغفل صغيرة ولا كبيرة في حماية الاقتصاد الوطني ومكتسبات أفراده.

هذه الجهود المتكاملة، بين الرقابة الصارمة والتطوير الخدمي والتوعية المستمرة، تكرس مكانة المملكة كبيئة أعمال آمنة وعادلة، يحفظ فيها حق المستهلك ويُكرّم فيه التاجر الأمين، تحت مظلة نظامية لا تعرف المساومة .