"كاميرا للبيع" .. كانت هي البداية..
بقلم - عبدالله عسيري
حين كتبت إعلانًا بسيطًا على إحدى المنصات بعنوان “كاميرا للبيع”لم أكن أتوقع أن يصبح هذا الإعلان بداية فصل جديد في حياتي.
الكاميرا التي رافقتني منذ أول خطوة في مشواري الإعلامي والتي وثّقت لحظات النجاح والتعب، قررت التخلي عنها بعد أن عزمت على الاعتزال. كان القرار صعبًا لكنه جاء نتيجة تراكمات من الإحباط والظروف التي جعلتني أشعر أن لا مكان لي في هذا المجال.
بعد ساعات من نشر الإعلان تواصلت معي إحدى الشخصيات الملهمه والمعروفة وأبدت رغبتها في شراء الكاميرا. لم يكن الأمر بالنسبة لي أكثر من صفقة بيع، لكن حديثها غيّر مسار القصة تمامًا. سألتني بدهشة: “كيف لإعلامي مثلك أن يبيع كاميرته؟ لماذا تفعل ذلك؟”

ترددت قليلًا، ثم أجبتها بصراحة: “أريد الاعتزال. أشعر أن الإعلام لم يعد مكاني.”
كان من السهل أن تنهي الحديث وتشكرني، لكنها لم تفعل. بل وقفت عند جوابي طويلًا وبدأت تحدثني عن قيمة الاستمرار وعن أن لحظة الضعف لا يجب أن تهدم سنوات من الشغف والعمل. لم تكن كلماتها مجرد نصيحة عابرة بل كانت دفعة أمل، وموقف إنساني صادق.
لم تكتفِ بالكلام بل مدت يدها فعلًا ودعمتني، فتحت لي أبوابًا جديدة،وساندتني في أصعب المواقف. كانت تؤمن أن لدي ما أقدمه وأن التوقف ليس نهاية، بل استراحة محارب. ومع مرور الأيام عاد الشغف بداخلي من جديد. عدت إلى الإعلام بروح متجددة واستطعت أن أثبت نفسي أكثر مما كنت أتخيل.
اليوم، عندما أتذكر قصة “كاميرا للبيع” لا أراها إعلانًا عابرًا على ورق أو شاشة، بل محطة فاصلة بين الانطفاء والعودة.
الكاميرا التي كنت على وشك أن أتخلى عنها أصبحت رمزًا لقصة صمود ودعم إنساني لا يُنسى.
وهكذا، لم تكن الكاميرا مجرد أداة تصوير، بل كانت السبب في أن أكتشف أن وراء كل قرار استسلام، قد يأتي شخص يؤمن بك أكثر مما تؤمن بنفسك، فيعيدك إلى الطريق ويذكّرك بحلمك الأول.