رحيل الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ.. مرآة النقاء ومرجع الأمة
بقلم ــ فاطمة محمد مبارك
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، ودّعت المملكة العربية السعودية قامة علمية ووطنية شامخة، رحيل سماحة المفتي العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ – رحمه الله ،فقدان لمرجعية روحية وأبوية، كان لها أثر عميق في وجدان الأمة.
لقد كان الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ نموذجاً فريداً للفقيه الرباني الذي يجمع بين العلم الشرعي الغزير والتواضع الجم. حياته كانت صفحة بيضاء من النقاء، سريرته أصدق من لسانه، وعيشه بسيط لا يعرف التكلف. كان يجسّد في شخصه القيم التي دعا إليها: الصدق، والإخلاص، والوفاء. لم يكن يسعى للمنصب أو الشهرة، بل كان يتكلم ليجمع القلوب، ويوحد الصفوف، ويدعو للخير.
كان صوته في خطب الجمعة بمسجد الإمام تركي بن عبدالله في الرياض يلامس شغاف القلوب. لم يكن مجرد صوت يصدح بالخطبة، بل كان صوتاً يغرس في النفوس حب الوطن، ويؤكد على أهمية طاعة ولاة الأمر والالتفاف حولهم. كان يرى في وحدة القيادة صمّام أمان لهذه البلاد، وفي طاعة ولي الأمر امتثالاً لأمر الله، وحفاظاً على الأمن والاستقرار الذي هو أساس كل تقدم وازدهار.
إن الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ لم يترك وراءه مجرد فتاوى ومؤلفات، بل ترك إرث من القيم والمبادئ. ترك لنا درساً في كيف يكون العالم جليلاً بقدر زهده، وعظيماً بقدر تواضعه. لقد كان مثالاً حيّاً للعالم الذي يحمل همّ أمته ووطنه في قلبه، ويدعو لها بالخير في كل حين.
اليوم، ونحن نودّعه، فإننا نودّع مرآة عكست لنا نقاء السيرة، وصدق السريرة. لكن إرثه سيظل حياً في نفوس تلاميذه ومحبيه، وسيظل صوته الحكيم يتردد في الذاكرة، داعياً إلى الوحدة، والوفاء، والتمسك بالحق.
رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته، وجعل ما قدمه في خدمة دينه ووطنه في ميزان حسناته.