السعودية وطنٌ الأمجاد وتحقيق الأحلام
بقلم: علي بن أحمد الزبيدي
في كل عام، تتجدّد في قلوبنا ذكرى خالدة، ليست مجرد مناسبة عابرة، بل هي قصة عشقٍ أبدية بين شعبٍ ووطن.
إنها ذكرى اليوم الوطني السعودي، يومٌ لا يمكن اختزاله في مجرد تاريخ، بل هو ملحمة بطولية تُروى عبر الأجيال، فهو يومٌ نسترجع فيه فخر الماضي، ونحتفي بعظمة الحاضر، ونستشرف مستقبلًا مشرقًا لوطنٍ يواصل المسير بخطى ثابتة نحو المجد.
رحلتنا مع هذا الوطن بدأت قبل 95 عامًا، عندما انبعث من جديد صقرٌ أشمّ، وحامل لواء الوحدة، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، الذي لم يهدأ له بالٌ حتى جمع شتات الوطن، ووحد أجزاءه المتناثرة تحت راية "لا إله إلا الله، محمد رسول الله"، وكانت رحلته رحلة كفاح وصبر، تجسدت فيها كل معاني القيادة الحكيمة، والشجاعة الفائقة، والإيمان المطلق، وبفضل الله ثم بجهده ورجاله المخلصين، تحوّلت أرض الصحراء القاحلة إلى وطنٍ شامخ، يمتد من الخليج إلى البحر الأحمر، ويحتضن أطهر بقاع الأرض.
ففي الثالث والعشرين من سبتمبر عام 1932م، أُعلن عن ميلاد المملكة العربية السعودية، ووُلِدت دولةٌ قويةٌ موحدة، أنهت عهودًا من التشتت والصراع؛ لتشرق شمس الأمن والاستقرار على ربوع هذا الوطن وليصبح هذا اليوم تتويجاً لجهودٍ مضنية، وتجسيداً لرؤية ثاقبة، ولندرك في هذا اليوم فيه عظمة ما أنجزه المؤسس، وعمق الأمانة التي نحملها اليوم.
إنّ مسيرة البناء لم تتوقف عند الملك المؤسس، بل استمرت على يدي أبنائه البررة الذين ساروا على نهجه، فكل ملكٍ أتى، أضاف لبنةً جديدة في صرح هذا الوطن، وترك بصمةً لا تُمحى، فمن الملك سعود، الذي وضع حجر الأساس لدولة حديثة، إلى الملك فيصل، مهندس النهضة التعليمية والاقتصادية، مرورًا بالملك خالد، الذي شهدت فترة حكمه توسعًا عمرانيًا كبيرًا، وصولًا إلى الملك فهد، الذي عُرف بلقب "خادم الحرمين الشريفين" وساهم في تعزيز مكانة المملكة على الصعيدين الإسلامي والدولي، ثم جاء الملك عبدالله، الذي أرسى دعائم التنمية الشاملة، وأطلق مشاريع عملاقة غيّرت وجه المملكة.
واليوم، في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، نشهد مرحلةً جديدة من التطور والتحول. لقد انطلقت "رؤية 2030" كخارطة طريق لمستقبل مشرق، تهدف إلى تنويع الاقتصاد، وتمكين الشباب والمرأة، وتعزيز مكانة المملكة كقوة إقليمية وعالمية.
نرى اليوم مدنًا مستقبلية تنبض بالحياة، ومشاريع عملاقة تتحدى المستحيل، مثل مشروع "نيوم"، و"ذا لاين"، كما نشهد ثورة في قطاعات الترفيه والسياحة والثقافة، مما يجعل المملكة وجهة عالمية بامتياز، والأهم من ذلك، أننا نرى جيلًا من الشباب السعودي الطموح، يمتلك الإرادة والعزيمة، ويؤمن بقدرته على تحقيق الأحلام.
همسة الختام :
إنّ اليوم الوطني ليس يومًا واحدًا في السنة، بل هو كل يوم نعيشه في أمن ورخاء، وكل إنجاز نحققه على هذه الأرض الطاهرة، إنه فخرٌ يسكننا، واعتزازٌ يملأ قلوبنا، ومسؤوليتنا جميعًا هي
الحفاظ على هذا الإرث العظيم، ومواصلة مسيرة البناء والعطاء.