إعلام مسؤول ..وطن أصيل.
د.طلال الحربي
في خطوة نوعية تعكس حرص المملكة العربية السعودية على مصلحة مواطنيها وحماية نسيجها الاجتماعي، أعلنت هيئة تنظيم الإعلام عن حزمة من الضوابط الدقيقة والواضحة للمحتوى الإعلامي. هذه الضوابط ليست مجرد تعليمات رقابية، بل تمثل رؤية استراتيجية شاملة تهدف إلى تنقية الفضاء الإعلامي من الممارسات الضارة، وبناء بيئة إعلامية مسؤولة تكرّس القيم الإيجابية وتصون كرامة الإنسان، انطلاقاً من مسؤولية المملكة الرائدة في الحفاظ على الهوية الإسلامية والعربية الأصيلة.
تكمن أهمية هذه الضوابط في كونها تشكل خط دفاع أساسي لحماية المجتمع وخاصة النشء من التأثيرات السلبية للمحتوى الهابط، الذي يروج لسلوكيات منحرفة وقيم مادية سطحية. فمنع التباهي بالأموال والممتلكات والسيارات، على سبيل المثال، حماية للشباب من ثقافة الاستهلاك والتفاخر المادي التي تهدد قيم التواضع والادخار والتنافس في الخير والمعرفة. كما أن منع استخدام الأطفال والعمالة المنزلية في المحتوى اليومي يحمي حقوق هذه الفئات من الاستغلال ويصون كرامتهم الإنسانية، مؤكداً على القيم الأخلاقية التي ترفض جعل الإنسان أداة للتسلية أو كسب المشاهدات.
يأتي دور هذه الضوابط حاسماً في تشكيل وعي وسلوك النشء. من خلال:
1. تعزيز القيم الأسرية: منع تصوير الخلافات الأسرية أو كشف خصوصيات العائلة يحمي مفهوم الأسرة المتماسكة ويحفظ قدسية الحياة الخاصة، مما ينشئ جيلاً يقدّر الروابط الأسرية.
2. بناء الشخصية السوية: منع التنمر والإساءة والازدراء يخلق بيئة تحترم الاختلاف وتُعزز الثقة بالنفس لدى الشباب، بدلاً من ثقافة الإقصاء والإهانة.
3. تعزيز الانتماء الوطني: حظر أي محتوى يتعارض مع الهوية الوطنية يغرس حب الوطن والافتخار بهويته الإسلامية والعربية في نفوس الشباب.
4. التحصين ضد المعلومات المضللة: مكافحة نشر المعلومات غير الصحيحة يحمي عقول النشء من التلاعب ويشجعهم على التحقق والتفكير النقدي.
إن صدور هذه الضوابط المحكمة لم يكن ليتحقق لولا الرؤية الحكيمة والدعم المستمر من معالي رئيس مجلس الهيئة وزير الإعلام، الذي يضع الاستراتيجيات الكفيلة بتحقيق أهداف الهيئة السامية في خدمة المجتمع ومواكبة رؤية 2030. توجيهات معاليه ومتابعته كانتا الدافع الأساسي لوضع هذه المعايير العالية التي تلامس هموم المجتمع الحقيقية.
على الأرض، تترجم هذه الرؤى إلى واقع ملموس بفضل الجهود الحثيثة لـ سعادة رئيس الهيئة وكل منسوبي الهيئة، الذين يعملون بدقة ومهنية عالية لمراقبة الامتثال لهذه الضوابط واتخاذ الإجراءات النظامية تجاه المخالفين، لتحقيق الأهداف المنشودة.
ضوابط هيئة تنظيم الإعلام تمثل نقلة نوعية في مفهوم المسؤولية الاجتماعية للإعلام. إنها رسالة واضحة بأن الإعلام في المملكة هو ركن من أركان التنمية الشاملة، يسهم في بناء الإنسان وتحصينه فكرياً وأخلاقياً. هذه الضوابط تؤسس لمرحلة جديدة من الإعلام الهادف، الذي يرفع بالذوق العام ويحمي قيم المجتمع، ليظل الإعلام السعودي منارة للفكر الواعي والقيم الأصيلة.