السوق العقاري بين الشائعة والواقع
بقلم: فاطمه البشري
في الأيام الماضية، ترددت عبر بعض المنصات الاجتماعية شائعات تتحدث عن انخفاض أسعار العقار في المملكة بشكل عام، وفي منطقة عسير بشكل خاص. مثل هذه الأخبار دائمًا ما تُحدث بلبلة في أوساط المجتمع، خصوصًا بين فئة الباحثين عن التملك أو المستثمرين في القطاع العقاري، وهو ما يستوجب التوقف عندها وتحليلها بعينٍ مهنية تستند إلى الحقائق الرسمية.
المؤشرات الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء والهيئة العامة للعقار تكشف بوضوح أن السوق العقاري لا يشهد انخفاضًا كما يُشاع، وإنما تباطؤًا في وتيرة نمو الأسعار. وهذا يعني أن الأسعار لم تعد ترتفع بالحدة السابقة، بل أصبحت أكثر هدوءًا وتوازنًا. ففي حين سجلت بعض المنتجات السكنية استقرارًا نسبيًا، ظهرت ارتفاعات طفيفة في بعض الفلل والأراضي داخل المواقع الحيوية، وهو ما يعكس حالة صحية تعكس توازن السوق.
إن استمرار وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان في تنفيذ المشاريع الإسكانية الكبرى وتوفير وحدات سكنية متنوعة مع تسهيلات تمويلية واضحة، يعزز من قدرة المواطنين على التملك، ويرسخ حالة الاستقرار التي يحتاجها السوق لتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030. هذه الجهود لا يمكن أن تتماشى مع ما يُروج من ادعاءات بانخفاض الأسعار المفاجئ، بل تؤكد أن الدولة تمضي وفق مسار استراتيجي يوازن بين العرض والطلب.
من جانب آخر، فإن تباطؤ النمو لا يعني ضعفًا أو تراجعًا، بل يشير إلى أن السوق دخل مرحلة أكثر نضجًا، حيث تتوزع فرص التملك والاستثمار بشكل أوسع، ويُتاح للمواطن اتخاذ قرارات مدروسة بعيدًا عن ضغوط الارتفاعات المتسارعة. وهنا يظهر الفرق بين الشائعة والحقيقة: الأولى تُثير القلق، أما الثانية فتعكس ثقة في متانة السوق وواقعيته.
وفي الختام، يبقى من المهم أن يدرك المواطن والمستثمر أن الاعتماد على المؤشرات الرسمية هو الطريق الأمثل لمعرفة اتجاهات السوق، وأن الشائعات لا تعدو كونها ضبابًا سرعان ما يتبدد. فالسوق العقاري في المملكة عامة، وفي عسير خاصة، يمضي نحو مزيد من الاستقرار والتوازن، مدعومًا بالمشاريع التنموية وبرامج الدعم الحكومي، ليظل رافدًا مهمًا من روافد التنمية الوطنية.