منظومة الإسكان في الخطاب الملكي
أ. د. محمد بن علي مباركي
أكاديمي وكاتب
الخطاب الملكي-الذي تلاه سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- في افتتاح السنة الشورية الثانية للدورة التاسعة لأعمال مجلس الشورى، تضمن سياسات واستراتيجيات داخلية وخارجية مهمة، ومن هذه الاستراتيجيات الداخلية منظومة الإسكان ودوره الحيوي في نهضة المملكة العربية السعودية وأثرها على ازدهار الاقتصاد وجودة الحياة للمواطن الذي هو عماد رؤية السعودية 2030.
هذه الرؤية رسمت منهجًا علميًا طموحًا يلامس حياة المواطن في جميع المجالات، وحددت برامج ومبادرات وإجراءات تحقق مستهدفات التنمية المستدامة في شتى المجالات لبناء وطن مزدهر تمثلت في مشاريع كبيرة، ومبادرات نوعية ، ونجاحات وإنجازات عظيمة في شتى المجالات ومنها قطاع الإسكان والخدمات الذي يلعب دور كبير في تحفيز الاقتصاد، والارتقاء بمستوى الخدمات ، ورفع مستوى جودة الحياة والإنتاجية للمواطن، فالسكن يحسن استقرار الأسر ، ويزيد من مشاركة المواطنين في سوق العمل. فقطاع الإسكان جزء محوري من برنامج (الإسكان) وبرنامج (جودة الحياة) ضمن رؤية المملكة 2030.
قطاع الإسكان في السعودية لا يعتبر فقط مجالاً لتلبية احتياجات الأسر، بل يعد أيضا محركًا اقتصاديًا رئيسيًا يساهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي (GDP) ، وتنويع الاقتصاد في بلادنا. فقطاع التشييد والبناء ومن ضمنه الإسكان يمثل نسبة ملموسة من الناتج المحلي غير النفطي. وقد أوضح سمو ولي العهد في خطابه تحت قبة مجلس الشورى زيادة الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة عالية تقدر بـ (56%) لعام 2025. ولا شك أن قطاع الإسكان ساهم بجزء من هذه النسبة. كون كل وحدة سكنية تضيف قيمة اقتصادية مباشرة من خلال الإنشاء والتطوير العقاري، مع ملاحظه أن نمو قطاع الإسكان ينعكس على صناعات مساندة مثل مواد البناء والأثاث والأدوات الكهربائية والمقاولات والخدمات اللوجستية الأمر الدي يخلق تأثيرًا اقتصاديًا مضاعفًا.
ولا شك أن قطاع الإسكان يولد وظائف كبيرة، فمشاريع الإسكان في بلادنا المترامية الأطراف توفر فرص العمل المباشرة في المقاولات والهندسة وغير المباشرة في التمويل والصيانة والنقل والخدمات، وبدون شك تنامي هذا القطاع الحيوي يجدب استثمارات محلية وأجنبية في التطوير العقاري وصناديق الاستثمار العقاري (REITs) ، ويعزز سوق العمل العقاري ؛ مما يزيد السيولة والدورة الاقتصادية.
وقد أدركت الدولة -أعزها الله- أهمية قطاع السكن، فأولت الحكومة الرشيدة منظومة الإسكان برامج الدعم السكني ، وتطوير البنية التحتية ، وتسهيل الحصول على التمويل والقروض العقارية ، وتحسين التشريعات والأنظمة والمبادرات الخاصة بالفئات الأشد حاجة وهذا ما أكده الأمير الشاب عراب الرؤية – حفظه الله - في خطابه الملكي حيث أشار سموه الكريم أن النمو الاقتصادي القوي الذي تعيشه المملكة صاحبه ارتفاع في أسعار العقار السكني في بعض مناطق المملكة إلى مستويات غير مقبولة، ما أدى إلى بعض التشوهات في القطاع ، وتسببها في ارتفاع متوسط تكلفة السكن بالنسبة إلى دخل المواطن. ما استدعى العمل إلى وضع سياسات تعيد توازن هذا القطاع بما يخفض كلفة العقار. ويشجع على الاستثمار في التطوير العقاري. كما يتيح خيارات مناسبة ومتعددة للمواطنين والمستثمرين.
وأشار سموه الكريم - حفظه الله – " إلى أن الدولة تواصل تقييم الأثر الاقتصادي والاجتماعي للإنفاق العام لضمان توجيه الموارد نحو الأولويات الوطنية ضمن سعينا المستمر لخدمه المواطن وزيادة دخله، ورفع مستوى الخدمات المقدمة، وتحسين جودة الحياة للمواطنين والمقيم والزائر".
والجدير بالذكر أن رؤية ولي العهد أسهمت كثيرًا في نمو الإسكان، فنسبة التملك في ازدياد والخطة الاستراتيجية لقطاع السكن رفع نسبه التملك الى 70% بحلول عام 2030 وبفضل الله تجاوزنا 60% العام 2020.
حفظ الله الملك سلمان بن عبد العزيز ، وسمو ولي عهده، سائلا الله أن ينعم على المملكة العربية السعودية هذه البلاد العظيمة المباركة الرخاء والاستقرار والعزة والشموخ.