هذا السؤال الذي يؤرقني منذ تفتقت بداخلي أبجديات اللحظة ؛ لا أعلم تحديدًا متى حصل ذلك لكن كل الذي أعلمه أنها لحظة خاطفة حدثت فيها قفزة للوعي وأخذتني إلى مساحات أجهل بدايتها ونهايتها وأعلم شيئا من امتدادها ؛ فهي تمتد معي كلما حاولت فك رموز وجوديته وتتقلص كلما حاولت إقحام نفسي معبرة عن معاني العدم رغم أنها ليست مهمتي لكن يرغم المرء أحيانًا على الوجود في جو يوفر له التفكر في ما عاش غافلاً عنه ؛ ولو بحثنا في أصل الوجودية وكيف نشأت لوجدنا أنها ليست بالضرورة أن تكون في بيئة خصبة
لذلك بل قد تسير عكس الاتجاه ، فكم من إشكالية تعيد الإنسان لذاته ليعيش معها بعض الحالات ويسرف في بعض النقاشات ويسترسل في الإلهامات كل هذا وحده دون أحد سواه ومن هذه الأشياء يندد على وحدته ويوازي حِدته ويستخلص وجوده حيث الجوهر الذي يجعله أكثر التحامًا وانسجامًا مع تلك المكونات التي منه وفيه ؛ وبالتالي يستثمر في اللحظة عندما يكسر أُطر الحضور العادي ويحوله إلى مجد ذاتي صاخب ساخرًا بفلسفته متفلسفًا في سخريته في دوامة تكتسح العدم وتجعل منه وجودًا يُذكر بعد أن يمر بمرحلة التشظي والاضطراب ..
لتبدأ الكينونة في فلترة الإجابات وفرزها وبحسب موقعها في تلك التراجيدية المبهمة تحاول أن تحدد المسار حاملة معها نبراس الحقيقة بعد أن تاهت في رحلة الوصول إليها والمثير للانتباه أن هذه الحقيقة تحتاج لحقيقة أخرى تؤكدها أو تنفيها ، تركنها أو تستدعيها
ويا للأسئلة ..!
مالذي سيوقف هذا التدفق إنها تجري كماء النهر بيد أن المنبع يعيش حالة من التيه ، وماذا عن المصب إذًا !
إنه الوعي يلبس أقنعة الحياد يتقمص دور الجاهل وهو يضحك خلف كواليس روحه ، ثمة إجابات لا تقنع جمهور الوهم ، يكمل تمثيله لدور الغافل ويسهب في التأمل
وكأن يشجعه صوت التصفيق الجماعي تتقدم من ذاكرته إحدى الحقائق فيُحدق للأعلى قائلاً :
" أيها الإنسان إن هذه الحياة بدأت بفتنة وخطيئة فلا تنتظر منها الكمال "
يُخيل إليه أن الحاضرين فيه قد فهموا مغزى الرسالة
وأثناء خروجه وهو في طريقه إليه أخذ يردد:
" ثنائية الخير والشر "
" الأضداد "
" الاعتبارات "
" الموازين "
ولكن يسأله عابر منه لماذا كل تلك الرمزية أذلك نوع
من الزهو باللغة ؛ أم أنك لا تجرؤ أن تكون شفافًا في مثل هذه الأزمنة المُعلبة !
فيخبره أن الرمزية لطفٌ خفي ، ولعلك المُعلب الذي
لا يطيق أن يصبر على مالم يحط به فهما .
رهام مدخلي
@Reham90md