دور القروبات لتعزيز التلاحم المجتمعي في ظل التحديات المعاصرة

بقلم ـ فاطمة محمد مبارك
----------------------
يقول ابن خلدون في مقدمته "إن الإنسان مدني بطبعه" عبارة تبرز حاجة الإنسان للعيش ضمن مجتمع يُحقق فيه ذاته، ويضمن بقاءه وتطوره. فمن خلال التعاون والتفاعل، تتشكل المجتمعات والعلاقات الإنسانية، حيث يتبادل الفرد التأثير والتأثر مع محيطه، سواء كان هذا المجتمع في العالم الواقعي أو عبر الإنترنت في عصرنا الحالي، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ومع التغيرات الاجتماعية والتكنولوجية السريعة، برز دور القروبات، خصوصًا العائلية، في تعزيز التلاحم الأسري وتقريب المسافات بين الأفراد، فقد باتت هذه القروبات وسيلة فعّالة لتسهيل التواصل، حيث يتبادل أفراد العائلة الأخبار والمعلومات، ويتشاركون اللحظات الخاصة كالصور والفيديوهات والذكريات ،تُستخدم القروبات أيضًا لتنظيم الأحداث العائلية مثل الأعياد والمناسبات والرحلات بسهولة ومرونة، مما يجعلها نعمة عظيمة يجب الحفاظ عليها ، ومع ذلك، في ظل التحديات المعاصرة مثل سرعة إيقاع الحياة وضغوط العمل، يلاحظ حدوث تغييرات جوهرية في طبيعة العلاقات الأسرية ، أذ أدى الاعتماد على الوسائل الافتراضية إلى ضعف صلة الرحم وتراجع الحوار المباشر حتى بين أفراد الأسرة واصبحت الأوقات التي كانت تجمع العائلة والجيران في لقاءات مليئة بالود شيئًا نتحسر عليه ، كما تزايدت الفجوة الاجتماعية بظهور الكلفة في العلاقات، والتباهي الزائف، مما أدى إلى فقدان المعنى الروحي لهذه التجمعات، تحوّلت اللقاءات العائلية إلى واجبات اجتماعية ثقيلة، مما دفع البعض إلى الانسحاب والاكتفاء بتبادل الرسائل النصية النمطية أو الانعزال التام والاكتفاء بعلاقات محدودة جدًا،والتحدي الأكبر في هذا العصر في تحقيق التوازن بين الانغماس في العالم الرقمي والتمسك بالقيم الإنسانية وتوطيد روح الجماعة،والحقيقة أن التكنولوجيا بما فيها القروبات العائلية، تُعد أداة قوية يمكن أن تُسهم في تقوية الروابط الاجتماعية وتعزيز التلاحم المجتمعي إذا استُخدمت بوعي وحكمة ، وفي الوقت نفسه يجب الالتزام بأدب الحوار والاحترام داخل القروبات، مع مراعاة الآراء المختلفة وتجنب الفوضى الناتجة عن الإشعارات المزعجة، والتفاعل بفاعلية مع الرسائل، مما يجعل القروبات أكثر حيوية وود ..
وفى الختام : مسؤوليتنا المجتمعية تكمن في استغلال هذه الأدوات الحديثة بشكل إيجابي، من خلال تعزيز التواصل وتقديم الدعم، والحرص على صلة الرحم بطرق مبتكرة، مع عدم إغفال أهمية اللقاءات الواقعية التي تحمل في طياتها الدفء الإنساني،فلنحرص على تعليم الأجيال القادمة أهمية الجمع بين التكنولوجيا والقيم، لبناء مجتمع حديث ومتقدم دون التضحية بجوهر الإنسانية من ود ورحمة وتعاطف .