مواقف في جبر الخواطر

د/ سلمان الغريبي
الإنسان مواقف .. ويكون على موقفه مهما حصل وكان ، ويكون صامدًا و واثقًا من نفسه .. ولا يتراجع أو ينكسر عند أول منعطفٍ يمر به مهما كان هذا المنعطف غامضًا و خطيرًا ..! واعلم بأنه لن يذكرك أحد إلا بمواقفك مهما كانت سلبية أو إيجابية .. ولكن وحدها مواقف الصدق والكرم و النُبل التي تنبثق من داخلك هي التي تبقى عالقةً في الأذهان ، أما ما تبقى فتردمه رمال الأيام حتى لا يبقى من الناس أثر !! وهنا تكمن معادن الرجال وأخلاقهم .. فاتركْ في كل شخصٍ عرفكَ موقفًا نبيلاً لا ينساكَ فيه أبدًا ..! فالأمر لا يحتاج إلى مواقف خارقة ، ولا إلى بطولات روائية ، ولا إلى أعذار واهية يكفي أن يكون المرءُ إنسانًا واقعياً مُلماً بالأحداث التي من حوله ، فتقويه ، و لاتُضعفه ليترك له أثرًا طيبًا وثريًا بين البشر .. فتخيروا اللحظات التي لاتنكسر فيها ، ولا ينكسرُ فيها الناس من حولك من أجل العطاء ، تحينوا مواقف قضاء الحاجات وجبر الخواطر ، فهذه المواقف هي التي تبقى .. وغيرها يذهب هَباءً كغُثاء السيل ، ويتطاير مع أول هَبة ريح تَمُر عليه فلا يذكُره أحد .. كما أن هذه المواقف الإيجابية تكون ذات أثر فعال للأجيال القادمة في صلاحهم وشخصياتهم وتكوينهم كشخصيات مؤثرة في المجتمع ، وأيضًا تقوية الروابط بين الأفراد والأسر في المجتمع الواحد ، وتظهر لنا شخصية الفرد وحقيقته في تقدير واحترام الآخرين ، ومد يد العون لهم في السر والعلن ، ومشاركتهم في الأعمال الخيرية ، والدعم المادي والمعنوي والنفسي ..
وأخيراً .. يقول حكيم : "ما رأيت عبادة أجمل وأعظم من جبر الخواطر ، ولا يتخلق بها إلا أصحاب النفوس النبيلة .. إماطة الأذى عن مشاعر وقلوب الناس لا يقل درجة عن إماطة الأذى عن طريقهم ، اجبروا الخواطر ، وراعوا المشاعر ، وانتقوا كلماتكم ، وتلطفوا بأفعالكم ، ولا تؤلموا أحدًا " .. اللهم اجبر قلب كل من جبر بخاطر الناس ، وراعى مشاعرهم ، ثم اعلموا أحبتي أننا جميعًا راحلون لا محالة شاء من شاء وأبى من أبى .