|

المقاصف المدرسية بين الحياة والموت!

الكاتب : الحدث 2025-01-18 09:38:13

علي بن أحمد الزبيدي
كان ذلك الطفل الصغير يذهب مع أعمامه وأبناء عمومته إلى المدرسة التي كانت مبنية من جريد النخل والمرخ والخشب ( عشة وصبل ) ليكون طالبًا مستمعًا ، وهو يترقب متى تأتي الفسحة ليعود إلى بيته محملاً بوجبة غذائية مجانية كانت تصرفها وزارة المعارف في دولة الكرم المملكة العربية السعودية، وكان هذا حاله في عام 1402هـ ، وحين انتقل إلى المبنى الأسمنتي كطالب منتظم عام 1403 هـ تعرّف لأول مرة على المقصف المدرسي الذي كان مسؤولاً عنه مراسل المدرسة، وبعد ذلك أصبح ذلك الصغير مساهمًا في المقصف ليأخذ نسبة من الأرباح حين ينتهي العام الدراسي، ويكبر ذلك الطفل ليصبح شابًا ثم معلمًا ، والمقصف لم يكبر فهو مازال ذلك المقصف الذي عرفه في صغره ما عدا أنّ باب المساهمة قد أقفل، ولم يعد هناك باب شراكة أو مساهمة وبقي المقصف عتيًا أمام محاولات التغيير !
هذه القصة الصغيرة تحكي بعضًا من تاريخي مع المقاصف وما زلت أرى المقصف المدرسي نفسه الذي عرفته حين طفولتي لكنّ التجديد فقط في القوانين الجديدة واللوائح والأنظمة التي تنظّم عمله، وأمّا المقصف فمازال دون المأمول ومع بداية الفصل الثاني لعام 1446هـ ، أطلقت وزارة التعليم مشروع ( تعزيز التغذية المدرسية ) مع وجبات ( حليب وتمر ) لتعيد للأذهان قصتي وقصة جيل الثمانينات والتسعينات الهجرية مع ( أيام التغذية ) الذي أطلقته وزارة المعارف ، وانتهى بقرار عام 1400هـ ليستبدل بمبلغ مالي للمحتاجين، وجاء هذا المشروع اليوم ليصلح ما أفسده توالي الدهور على سوء المقاصف ، وتدني مستواها ، ورداءة ما تقدمه من أغذية بل إنّ بعض المقاصف جمعت بين السوء في المستوى ومخالفة الأنظمة ببيع الممنوعات ( العصائر المحلاة - والحلوى والسكاكر - والمشروبات الغازية، والوجبات السريعة ) ؛ مما فاقم مشاكل الطلاب والطالبات الصحية والنفسية ليصبح المقصف قاصفًا للصحة لا بوابة من بوابات الأمن الغذائي ، إنّ الطلاب الطالبات بحاجّة إلى تغذية جيدة ، ولا يكفي أن تسنّ القوانين دون أن يكون هناك سعيٌ حثيث لتغيير المقاصف المدرسية ، وطريقة عملها وتأجيرها ، وما يقدم فيها، ومن البديهي القول أنّه يجب على الوزارة أن تشرك الطالب والطالبة ، فهم
المستفيدون من المقاصف وأولياء أمورهم فيما يقدم في المقاصف ، كما أنّ الميدان يعجّ بالتجارب الرائدة في مجال التغذية ولدى المعلمين والمعلمات أفكار كثيرة لتطوير المقاصف وإيجاد الحلول المناسبة له ..
إنّ إشراك الشركات والمؤسسات والمهتمين بالأغذية وتقديم التسهيلات لهم سيساهم في تطوير المقاصف ، وجودة الغذاء ، وتنوع المعروض دون تحميل الأسر تكاليف باهظة .
همسة الختام :
سوء التغذية للطلاب والطالبات خطر يهدد صحتهم البدنية والنفسية مما سيكون له الأثر السيء على اقتصاد الوطن؛ فهم عماد الوطن وبناة المستقبل.