|

أبنائي.. لن أطعمكم شوك عدم الأمان .

الكاتب : الحدث 2021-07-12 01:32:17

أبنائي.. ثقوا بالله ثم بي .

قصة استُلهِمت من عنوانين لكي أثبت لكم دور الإنسانة العظيمة التي سخّرت حياتها وإمكاناتها لسؤالها : أين يتيم الأب لكي أحتضنه ؟

احتضن القبر أباً في عمر الزهور  وترك أطفاله الصغار في صراع مع الحياة.. تركهم عند أم كبيرة في السن تخرج الصباح الباكر لكي تسد ما ينقصهم من ملذات الحياة.. ذات يوم نزلت الأم كالعادة من الحافلة فإذا بصوت ينادي من فوق: ماما انظري إليّ .. فإذا هي ابنتها التي يبلغ عمرها سنتين وقد صعدت سلم الدور الثالث، وإذا بصوت عالٍ يخرج منها : من يوجد معها فوق؟ من في المنزل؟ ابنتي فوق السلم . صعدت بسرعة في خطوة واحدة. دون أن تلتقط أنفاسها وبصوت واحد: ابنتي فوق السلم .. في لحظتها الآن لا تستطيع  أن تصل لأن نفَسها سوف ينقطع، والمسافة أصبحت طويلة والجزء الذي قطعته من المسافة بسيط، ومع الخوف ثقلت رجلاها فعظّمت لنفسها الأجر في طفلتها ودموع حارة تنساب على وجنتيها ولكن ! خطوة أمها كانت أسرع منها فأمسكت بالطفلة في الوقت المناسب.. لم أحتضن ولم أعتب.. فقط سجدت شكراً لله وكررت : "كن معي يا الله فأنا لاحول لي ولا قوة إلا بك"
عندها جفت دموعي مثل نهر جارٍ جف من صدمات الحياة.
صباح جديد توكلَتْ فيه على الله ثم استودعتْ أبناءها وبدأت العمل .
وكعادتها تم إرسالها لتضع منشوارت للصحة فإذا بصوت يشبه صوت البلبل الذي يغرد وقت الراحة. 
كانت محاضرة عن أم اليتيم وبما أنها توزع المنشوارت فاذا بهذا الصوت يجعلها تتراقص وكأنه نغمة لحياة جديدة.

- أنا أم الخير أحتضن الأيتام ..
وتسرد قصصاً من وقفتها  العظيمة. وكأن صوتها يناديها: تعالي إليّ لكي أرسم مخطط حياتك الجديد.

اتصلَتْ بها ... تجاوبتْ معها سريعاً .. سألتها عن إثباتاتها ومع من تعيش وكيف تساعدها ؟

- أحلامي كبيرة وقد خطفت مني. توفي أبي فتزوجت بعد وفاته وأنا صغيرة بالعمر، من بعد ضعط كبير وظلم وحرمان، فترك زوجي لي أمانة وذهب ولم يؤمن مستقبلهم.. رحلة الحياة قصيرة فلا أريد أن أطعمهم نفس طعم حياتي المر . هل هذا يكفي؟ لأني لو أكملت سأنهار بكاءً وسأضعف أكثر إن رفضتِ مساعدتي من بعد الله، وسأيأس من الحياة. أنا إن أكملت ستذهب كل قوتي التي أريد الاحتفاظ بها لأظل قوية أمام أبنائي.

مسحَت على رأسي وقبّلت جبيني ثم قالت : 
- بِمَ تحلمين ؟
- أكمل دراستي بالجامعة وأحصل على ما يسد حاجة أبنائي ومسكن يضمني من دون أن أسمع كلمات أمر وزجر لأبنائي وتأنيب وتهديد، وأريد أن يناموا بهدوء.
- جميعها ستتحقق بإذن الله ..
نعم .. بعدها أسميتها طير الرحمة .
دائماً تعاود اتصالاتها مستفسرة : ماذا ينقصك ؟وكلامها طاقة تزودني بها : أنتِ مثل ابنتي وأنا فخورة بكِ .
بفضل الله ثم بفضلها تقدمت  حياتي . 
ألا تستحق هذه الإنسانة العظيمة أن تفتخر الأحساء بها ؟ وضعت زاوية مهمة في حياتها تستغرق وقتاً وجهداً كبيرًا .
هي أم عظيمة ومثالية تريد أن ترى من تكفلت بهم في أحسن حال.. إنها تمتلك مهارة اختيار ما يناسبهم في الوقت المناسب وكأنها تعيش بينهم . كلماتها تمنحهم القوة والعزيمة.

واخيراً اقول لك "'
 إن الله يرى محاولاتك وسعيك ومدى حرصك، لا شيء يذهب سدى.

افراح سلطان