"هل يصلح الشيء بعد كسره"
بقلم ـ حافظة الجوف
ما أن تقع العين على كلمة "كسر" نشعر بالألم ، هذا وهي حروف مكتوبة ، فما بالكم بكسرة القلب ، وكسرة النفس والخاطر ، شعورٌ لايمكن وصفه ، ولا يمكن حصر أثاره على النفس والجسد والحياة .
هل يصلح الشيء بعد كسره ؟ عبارةٌ عميقةٌ في معناها جدًا ، وتحتاج إلى التأمل لمعرفة مدى قساوتها .
رميت كأسًا من الزجاج على الأرض ، فتبعثرت كل أجزائه تحت قدماي، فعندما حاولت جمعه أحدث الكثير من الخدوش على كف يدي ومنها السطحية ومنها العميقة ، سال على أثر ذلك الكثير من الدماء ، حينها علمت أن حبر قلمي ينزف من عمق ما شعرت به ، حاولت إصلاح ذاك الكأس وترميمه لكن مع الأسف لذلك لم يجدي ، استخدمت الكثير من اللواصق الخاصة ، وفي النهاية اكتشفت أن مكانه على الرف و غير قابل للاستخدام ، فأجزائه المتكسرة لم تعد كما كانت ، حاولت أن أسكب فيه القليل من السوائل وجدت أنها تسربت بالكامل .
هكذا حال القلب والمشاعر عندما تُكسر لاتعود كما كانت في قوتها وتدفق الدم في دواخلها ، بل تنزف ألمًا وحسرةً ، وكونك خصم لأحد ما ، هذا لايبرر لك أن تكيل له التهم ، وتتجنى عليه ، وتكسر قلبه ، فمن أقبح الخصال وأرذل الطباع أن تكون عدوًا لدودًا متسلطًا بذيء الكلمة ، تتلذذ بالتطاول على الآخرين ، فمهما حدث فلايجب أن ننسى أخلاقنا ، ونفقد مبادئنا وقيمنا ، ونجعل حياتنا كلها تمضي في خصام مع الآخرين ، فمن لم تسعفه أدواته في التعامل وقت المشكلة مع أحدٍ ما ، فليبحث عن مكامن الخلل داخله ، ويسعى للسيطرة على نفسه ، ويعجل في تدريب ذاته ، فالذي يخفق في تجربة عليه أن يتجاوز أخطائه في تجربة أخرى ، ومهما كان الأمر ، لايحق لأحدٍ أن يكسر نفسًا ، ويتسبب في ظلم أحدٍ ، بل لابد أن يكون سيد الأمة محمد صلى الله علية وسلم هو قدوتنا نحتذي بحذوه ونقتفي أثره ، فحين تعرض له قومه ، وناصبوه العداء كان يدعوا لهم "اللهم اغفر لقومي، فإنهم لايعلمون" ..
هذه صفات لايحملها إلا أشرف الناس ، فلنكن منهم في حال الرضا وحال الغضب ، ولا نتسبب في كسور لا يمكن إصلاحها .