|

قم للمعلم وفهِ التبجيلا

الكاتب : الحدث 2024-10-05 10:30:36

بقلم المستشار: محمد بن سعيد آل درمة

تحتفي وزارة التعليم السعودية مع المجتمع الدولي باليوم العالمي للمعلم من كل عام يوم الخامس من شهر أكتوبر، والذي يوافق هذا العام يوم السبت الثاني من شهر ربيع الآخر، من خلال المشاركات الطلابية وإقامة الفعاليات والبرامج والأنشطة التي تعزز من مكانة المعلمين والمعلمات في المجتمع، وتسليط الضوء على الدور المحوري للمعلم في العملية التربوية والتعليمية، وعلى ما يبذله من جهود في نقل المعرفة والمهارات للأجيال الجديدة، وتنمية وغرس القيم والمبادئ السليمة والصحيحة والوطنية في نفوس الطلاب، وتهدف وزارة التعليم من خلال الاحتفاء باليوم العالمي للمعلم إلى تأكيد دور المعلم الرائد والمؤثر والحيوي في العملية التعليمية، وتعزيز رسالته السامية التي يحملها، وترسيخ مكانته في نفوس الطلبة، وتأكيد دوره في بناء أجيال المستقبل، وتأصيل وتعزيز المبادرات الإيجابية تجاهه.​

للمعلم دور محوري وتأثير كبير على المجتمع لا ينكره عاقل، فهو من يُعد الإنسان علميًا ومسلكيًا وفكريًا، لذلك يجب أن يوضع في مكانة رفيعة تليق بما يقدمه من جهود ويبذله من عمل، وأن لا يتجرأ عليه البعض من أفراد المجتمع والطلبة بالتهكم والهمز واللمز حتى لا تكون النتيجة كارثية على مستقبل الوطن بأكمله، ولله الحمد والشكر لا يحدث ذلك في بلادنا بل يحظى المعلم بالاحترام والتقدير من جميع شرائح المجتمع، فأمة لا تحترم المعلم لا تحلم بالتقدم والتطور، وتلك مسؤولية وزارة التعليم والمجتمع على حدٍ سواء في وضع المعلم في موقعه الطبيعي كالطبيب والمهندس والضابط ليحظى بما يستحقه من احترام وتقدير.

 والطلاب اليوم ليسوا بحاجة لمعلم مثالي حامل لشهادة عليا وصاحب سنوات طويلة من الخبرة، وإنما بحاجة لمعلم مخلص يعمل بسعادة وحب لمهنته، يعي تأثيره ودوره المؤثر والكبير في تنشئة جيل وراء جيل، يحمسهم للحضور للمدرسة وينمي فيهم حب التعلم، وللمعلم القدوة دورٌ في حياة الطالب، فهو من يمده بالمعرفة والخبرة والثقة والقيم والمبادئ، وهو من يصنع جيلًا نافعًا يعظم دينه ويخدم وطنه ويساهم في تقدمه.

وفي هذه العجالة أوجه رسالتي لوزير التعليم الموقر ولمسؤولي الوزارة وإدارات التعليم وأوجهها بشكل مباشر لكم يامعشر المعلمين المربين المؤتمنين على عقول أبنائنا وسلامة فكرهم، يا مفتاح النجاة والنجاح لهذا الوطن العظيم وأبنائه، يامن تبنون أمجاد الأمم، يا ورثة الأنبياء والرسل، أنتم من اعترف بفضلكم العلماء ونُظمت فيكم أبيات الشعراء، فهذا أمير الشعراء أحمد شوقي يقول فيكم:
قم للمعلم وفهِ التبجيلا   كاد المعلم أَن يكون رسولا
أعلمت أشرف أو أجل من الذي   يبني وينشئ أنفسًا وعقولا
وشاعرٌ آخر يقول:
لولا المعلم ما قرأت كتابًا يوما    ولا كتب الحروف يراعي
فبضله جزت الفضاء محلقا    وبعلمه شق الظلام شعاعي

رسالتي لكم على وجه الخصوص فتشوا وفقكم الله عن الطلبة المتعففين الذين لا تراهم العين من تعففهم من فقراء وأيتام ومساكين، وابحثوا في ظروفهم وأحوالهم وتلمسوا متطلباتهم واحتياجاتهم وازرعوا فيهم القيم والأخلاق الإسلامية السمحة التي تعينهم على مواجهة ظروفهم الصعبة، واصنعوا منهم رجالًا وأبطالًا حتى لا يكونوا ضحية لقسوة الحياة وظروفهم الصعبة، فإن لم تفعلوا ذلك، فمن غيركم سيفعل؟ افعلوا ولا تنتظروا من أحد جزاءً ولا شكورًا.

قم بواجبك أيها النهر الخالد رعاك الله كما تحب أن يراك تعالى وتعامل مع طلابك وكأنهم أبناؤك، ازرع فيهم قيمة تعظيم وحب ديننا الإسلامي الحنيف وفهم معانيه وتطبيقه من خلال كتاب الله وسنة نبيه، مع تحصينهم ضد فكر التيارات الحزبية والتنظيمات السياسية الدخيلة على مجتمعنا، واغرس في قلوبهم قبل عقولهم العشق والولاء للوطن وولاة أمره وأهله، اعمل بجد واجتهاد في ظل الإمكانيات المتوفرة في مدرستك للمحافظة على صحة وسلامة الطلاب، ولا تلتفت إلى المحبطين ولا تصغي لهم ولا تتعذر بمعوقات لكي لا تؤدي عملك على أكمل وجه، لا تنتظر تكريم من المسؤولين ولا تتوقع إشادة وتقدير من المجتمع وأولياء الأمور، لا تتوقف عند ما يطرحه بعض الإعلام المجحف في حقك، ولا تتردد بالمطالبة بحقوقك المكفولة لك نظامًا وفق الأساليب والطرق الإدارية المتاحة، وضع دومًا نصب عينيك أن التعليم رسالة الأنبياء والرسل وأنه شرف وليس مهنة.

يقول تعالى: "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات".
وقال ﷺ: "وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع".