|

" حديث النفس "

الكاتب : الحدث 2024-07-19 07:57:26

 عبهر نادي - المدينة المنورة 

زارني الحنين ذات يوم واتخذ من وجداني موطنًا له ؛ حين سرحت في الأفق البعيد وأنا أداعب بين يديَّ حبات سبحتي اللؤلؤ ، و إذ بي أُحدث نفسي : ماذا لو كانت كل حبة من تلك الحبات تُمثل سنة من عمري ؟ أيعقل أن سنين العمر مضت بسرعة تلك الحبات التي بين يدي دون أن أجد نفسي في إحدى تلك السنين ؟! 
عُدت أُحدق في الأفق ثانية ً باحثة عن بقايا ضوء النهار لعله يضيئ لي ماتبقى من السنين ، أيامٌ انقضت في لمح البصر وسرعان ماتلاشت ، وجوه تغيرت وتغير معها الزمن ، ام أن الزمن لم يتغير نحن من تغيرنا ؟!
عُدت لأبحث عن نفسي لعلي أجدها في تفاصيل الذاكرة التي تهرب منها الذكريات رويدًا رويدًا مع مضي سنين العمر ، بحثت في بقايا الأشياء ، بقايا المشاعر ..
وجدتها ! ربما في دفتر مدرستي من بقايا الطفولة ، في زجاجة عطر فارغة من بقايا الصبا ، في خاتم من بقايا الشباب ، وحين عشت أمومتي الحقيقية خلف الكواليس بكل تفاصيلها الصعبة والجميلة وجدت نفسي بقوة فيها . كنت و لازلت دائمة البحث عن لافتة تخبرني أين اجد نفسي وأنا أحاول النجاة من الضغوط التي كثيرًا ماكانت تتكالب ، وأخاف أن تبتلعني في قوقعة أخاف منها ، وجدت نفسي كثيرًا الآن ؛ وأنا في العقد الخامس من عمري ، ولن أسمح لظهري أن ينحني ، عُدت من جديد وسقيت أشجار بستاني التي ذبلت ، وأعدت بناء سور حديقتي ، عُدت لأهيم في ترتيب آمالي ، و إعادة ترتيب أوراقي التي مازال كثيرًا منها أوراقًا بيضاء تنتظر أن تدب فيها الحياة . وجدت نفسي بعد أن سُرق مني الكثير وأنا اتعلم في هذه الحياة ، ما بين عيون تحلم وقلب يتمنى ، مستعينة بلمسات الصبر التي تزيد الأمنيات جمالًا حين تأتي ، ومازلت أجد نفسي مع أنوثة مكتوبة على الأوراق ، ومسحة جمالٍ في المحيّا ، وطُهرٍ في القلب يندثر بثوبٍ من العفاف والحشمة .