|

تبًا لنفسي الصامدة ..

الكاتب : الحدث 2024-07-19 09:13:15

 

بقلم✍️نهاد فاروق قدسي ..

بعيدًا عن صخب الحياة .. وضوضاء المدينة .. وفوضى الطرقات حيث أوشكتْ الساعة الثالثة فجرًا .. أغمضتُ عينيّ .. أخذتُ نَفَسًا عميقًا .. شهيقٌ يعقبهُ زفير .. جعلتُ الهواء يعبر إلى رئتي مترنِّمًا باسمًا .. صنعتُ قاربًا جديدًا وأبحرتُ إلى عالمٍ آخر .. ارتشفتُ قهوتي المرَّة رشفةً تليها ثانية .. تناولتُ القلم والورقة .. استمعتُ لمقطوعتي الكلاسيكية .. مكثتُ خلف نافذتي الزجاجية .. أرقبُ السماء .. أتفقَّدُ القمر .. أنتشي رائحة التراب  .. أتأمَّلُ زخَّات المطر .. حيث لا أحد يعكر مزاجي .. ولا أحد يخترق عزلتي .. لا أحد يلحظ رغبتي في عدم الكلام .. بل الكثير من علامات الاستفهام .. لا أهتم بِمَنْ يأتي و مَنْ يذهب .. لا أكترث بِمَنْ يَصْدُق و مَنْ يَكذِب .. أتلَّمس شريط ذكرياتي .. ثمّة صورٌ أحبها أعانقها وتعانقني .. أعانق طيفها وأهيم بها شوقًا .. جعبتي تمتلئ بالكثير والكثير .. لم أستطِع قولها بكل بساطة: إنه عامٌ مضى وابتدأ عامٌ جديد .. فجأة وبدون سابق إنذار أتخطى كل ماكان .. لا ليس بالإمكان .. لم يكن عامٌ كأي عام .. بل كان عامٌ يحوي قصصًا ويروي حكايات .. بل هناك جزءٌ مبتورٌ من كل الحكايات .. عامٌ قاربتْ فيه خطواتي نحو حافة الهاوية ومفترق الطرق .. أرقٌ وقلق .. انتاب الروح والجسد .. معاركٌ ضاريَّة وحروبٌ طاحنة .. ندوبٌ وجروح .. جموحٌ وجنوح .. غيومٌ وهموم .. سدودٌ وقيود .. كثيرٌ من الكلام ليس له عنوان .. كثيرٌ من السلام ليس فيه أمان .. نارٌ وركام .. دَمارٌ و حطام .. نظراتٌ وخيبات .. علاقاتٌ وتضحيات .. صَفعاتٌ وتراكمات .. فُتاتٌ ورفات .. أباد كل الثبات .. جُسورٌ وعبور .. شُعورٌ وسطور .. قلمٌ يصرخ ألمًا بما اختنقتْ به الأصوات .. ورقةٌ تفيض دمعًا بما احتبستْ به المُقُلات .. حبرٌ يسيل دمًا بما عجزتْ عنه الندبات .. لَستُ من حجرٍ بلْ أنا كباقي البشر .. مخلوقٌ من ماء وطين .. وبين جنباتي قلبٌ يملؤه الأنين .. لم يكن الأمر سهلاً لأبدو بخير .. وأغدو كالبدرِ وضَّاء مستنير .. تبًا لنفسي الطاغية الصامدة .. قاسيةٌ كائدةٌ ماردة .. لم يُخلَق منها اثنين .. رغمًا عن أنف الأربعين ..