وقفة بين عامين
بقلم ـ علي بن أحمد الزبيدي
بعد انقضاء هذا اليوم الجمعة الذي هو عيد المسلمين الأسبوعي لم يتبقَّ لنا إلا يومٌ واحد ونكون قد ودعنا عامًا هجريًا 1445هـ ، وطوينا صفحاته التي لن تعود إلاّ يوم القيامة، واستقبلنا عامًا هجريًا وليدًا 1446هـ ، وبين العامين الماضي والآتي نحن نسير ونؤمل في عمر مديد، نعلم ما مضى ولا نعلم ما سيأتي ، وهكذا تمضي بنا سفينة الحياة .
سيبدأ العام الهجري الجديد الذي ارتبط بهجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولعلَّ البعض منّا قد نسي تأريخ اليوم هجريًا مع اهتمامنا بالتأريخ الميلادي، وإن كنّا قبل أيام قلائل احتفلنا بعيد الأضحى المبارك الذي يتجدد علينا في كل سنة هجرية، وكأنها حكمة إلهيَّة أن يكون عيد الأضحى ختام السنة ، وصوم العاشر من شهر محرم بداية العام لترتبط أنفسنا بتاريخنا المجيد، وهذا الأمر يدفعنا كي نؤصّل في أبنائنا وبناتنا هذا التأريخ الذي يوّحد كل المسلمين في أنحاء المعمورة، وإنْ لم يكن تقويمًا رسميًا لكثير من الدول إلاّ أنّه تقويمٌ دينيٌّ ؛ لارتباط العبادات بأيامه ولياليه وشهوره ( الصوم ،الزكاة ،الحج ) ، والمناسبات الدينية ( عيد الفطر ، عيد الأضحى ، ليلة القدر ) .
مضى العام على أقوام وكأنّه سويعات فرح وسعادة وهناء، ومضى على آخرين كأنّه دهر حزن وشقاء وابتلاء.
مضى العام بأفراحه وأتراحه، مضى العام وودعنا معه أهلاً وأقاربًا وأصحابًا وأحبابًا ، مضى العام وقد استقبلنا فيه أزواجًا وأولادًا وأرزاقًا ، مضى العام وحققنا فيه آمالاً، مضى العام وقد احتفلنا فيه بإنجازاتنا وإنجازات أحبابنا، وسيأتي العام الجديد محمَّلاً بأقدارنا التي كُتبت علينا لا نعلم ما فيه لكننا نثق أنّ خالقنا لا يقدّر لنا إلا خيرًا، سيأتي العام ونحن في أنفسنا آمال وأمنيات نودّ لو تتحقق، وخوف وترقب مما سيحدث .
مضى عام وأتى عام والفطن من اختلى بنفسه ، وراجع عامه الماضي ، واستقبل عامه الجديد وقد رسم لنفسه خطة تعينه على اجتياز العام دون أن يخسر فيه وقته الذي لن يعود، وإنّ من الأمور المهمة التي وجهّنا إليها ديننا القويم والتي يجب علينا أن نتعلَّمها ونعلِّمها لأبنائنا وبناتنا مراجعة الماضي وما فيه ؛ لنستفيد من أخطائنا لنتلافاها في المستقبل، وأن نبحث عن مواطن القوة والتميز فنعززها، وأن لا نجعل مراجعتنا للماضي تثبطنا عن تحقيق ما نرجوه ونأمله .
مضى عام وأتى عام ونحن نرفل في أمن وأمان بفضل الله ثم بفضل قيادتنا الرشيدة - حفظهم الله وأمدَّ في عمرهم - ونسأل الله لنا ولجميع المسلمين والمسلمات أن يغفر لنا عامنا الذي مضى ، وأن يجعله شاهدًا لنا ، وأن يبارك لنا في عامنا القادم ، وأنْ يجعله أفضل مما مضى …
همسة ختام ..
توالي الأعوام حتى انصرام العمر هي فرصة للكسب في الدنيا والآخرة، واللبيب من ترك له حياة تستمر حتى تقوم الساعة.