|

تكنيك التخطي ..

الكاتب : الحدث 2024-06-24 12:04:10

بقلم✍️ نهاد فاروق قدسي

نمرُّ في حياتنا بالكثير من المواقف ، والعديد من التجارب منها الجميلة التي تستحق مِنَّا أن نتأملها بين الفينة والأخرى ، ونخوض في تفاصيلها ، ونصنع منها ذكريات لطيفة ترسخ في عقولنا ، ونحفرها في دواخلنا ونحن ممتلئين بمشاعر الامتنان ، ومنها المؤلمة التي تجرّنا لاستحضار المشاعر السلبية ومايرافقها من صور حزينة تعلق في أذهاننا .. تشتتنا .. تجعلنا ننتحب فيها على ركام الذكريات .. تعرِّضنا للضغوطات والتراكمات وذلك بتماديها وجرأتها في السطو على مسيرة حياتنا .. وتجعلنا رهينة لها ، وتعيقنا عن المضي قدمًا .. 
نحتاج حينها إلى إرادة قوية وعزيمة عظيمة لإزالة هذه الطاقة السامة من حياتنا ، وتحرير أنفسنا من مشاعر المرارة والاستياء والكدر .. نحتاج إلى إتقان تكنيك التخطي ، وفن التجاوز ، وفضيلة التسامح .. 
من المؤكد أننا لسنا جميعًا بالقوة ذاتها ، ولسنا جميعًا بالصلابة ذاتها ؛ وذلك يعود لاختلاف طبيعتنا البشرية ، وتفاوت ردود أفعالنا وتوجهاتنا الشخصية تجاه الصدمات والخيبات التي تصادفنا وتنغص علينا ، وتختبر قوة صبرنا ، فمِنَّا القوي شديد البأس الذي سرعان مايخطو خطواته الأولى للتخطي والتعافي ويعيد ترتيب حساباته ، ومِنَّا الضعيف الذي يستسلم للخيبة ويبقى عالقًا في آثارها ، ومِنَّا المواجه الذي يحارب ببسالة حتى لايقع فريسة الحزن والهم والتعاسة ، ومِنَّا الهارب الذي يظل مقيدًا وأسيرًا لمخاوفه.
وجميعنا نسعى إلى السلام الداخلي ، و راحة البال ، وسعة الخاطر ، وطمأنينة النفس وفي سبيل ذلك نتصالح مع التحديات التي تواجهنا والخيبات التي نتعرض لها ، والمواقف السيئة التي تكدر صفو حياتنا .. لذا سنروِّض أحزاننا لا لنقاومها ، ولن نسمح للتجارب المؤلمة أن تعكر مزاجنا .. سنتقبَّل أولاً ثم أولاً ثم تاليًا فنحن لن نستطيع إعادة عقارب الساعة إلى الخلف .. ولا يمكننا العودة للوراء لتغيير البداية ، ولكن يمكننا أن نبدأ من حيث نحن الآن ونغير النهاية .. لن نقف عند أول عقبة تعترض طريقنا ، فالحياة لاتتوقف لوقوفنا ، ولا تكترث لأحد ، فهي مستمرة سواء بنا أو بغيرنا ، وبقدر ماتعطينا تأخذ مِنَّا .. لذا لن نركن إلى الظروف ، لن ننتظر الصدفة ، ولكن سنكون أكثر وعيًا وحزمًا .. أجمل صبرًا وتسامحًا .. سندرِّب أنفسنا على تقنية القفز فوق الحواجز .. سنعرف اللحظة المواتية لوضع نقطة في نهاية السطر .. والتوقيت الأنسب للبدء من جديد .. قد يكون صعب في بداية الأمر ، لكن سنتأقلَّم يومًا ما ونعتاد الأمر .. فالتخطي هو أن نتجاوز تلك المواقف اللحظية والمراحل العابرة التي تسرق طمأنينتنا .. فليس هناك شعور أعظم من الطمأنينة .. سنحارب بكل ماأوتينا من قوة للفوز بها .. سنتحرك في كل الاتجاهات ؛ لنحظى بحياة هادئة و غد مشرق -بإذن الله -، فكما قال غاستون بيرجي: غدًا هو يوم جديد ويعتمد مصيره علينا .. سنمضي مع الحياة وليس ضدها ، فهناك حتمًا شيئًا جميلاً ينتطرنا ، ويستحق أن نحيا لأجله على هذه الأرض ، ويومًا ما سنبدو فخورين جدًا بأنفسنا وبما أحرزناه بكل عزيمة وإصرار ..