|

أنسنة المدن..تنمية و رفاهية

الكاتب : الحدث 2024-06-02 06:24:33

"أنسنة المدن" مصطلح عصري حديث يعني: أن تكون المدينة الإنسانية أكثر ملاءمة وجاذبية للإنسان؛ وذلك من خلال خلق فرصٍ تتطلب مهارات عالية في كافة القطاعات التي تُحسن من جودة الحياة و رفاهية الإنسان، وإثراء الصحة  للأشخاص الذين يعيشون في هذه المدن، والتقليل من الأزمات المدنية، وتفعيل المشروع الحضري في تصميم يراعي احتياجات الناس، ويخلق مدنًا صحيةً ذات تأثير إيجابي على تنمية المجتمع، ضمن معايير جمالية وهندسية مستمدَّة من تراث المكان وهويته الثقافية.

إن التسارع في عجلة التنمية وإهمال التخطيط الحضري في مشاريع القطاع البلدي يعتبر من أبرز التشوهات البصرية، التي طالت أغلب مدن المملكة و العالم؛ حيث كانت مخططات الأحياء تفتقر لتلك الجوانب الإنسانية، كالمرافق الحيوية لممارسي رياضة المشي، وأماكن ذوي الهمم، والتي تفتقدها الكثير من الأماكن العامة في خلق بيئة صديقة للإنسان، من خلال تصميم الحدائق والأماكن التي يرتادها الناس بمواصفات عالمية، تعالج تلك التشوهات البصرية.
 وتعتبر من أبرز أهداف التنمية العمرانية الشاملة؛ من حيث إقامة مشاريع أكثر كفاءة وجمالية للمكان.

تتطلب التغيرات المتسارعة التي تشهدها المدن السعودية اليوم  استخدام أسلوب جديد أكثر رفاهية للإنسان، وهذا ما ستكون عليه حال المدن في النظام الحضري في رؤية ٢٠٣٠، و التي طرحت مفاهيم المدن البيئية الذكية المستدامة، تلك التي  ترتكز على البعد الإنساني، وتستهدف تحول مناطق المملكة  - تدريجيا- ؛ لتكون مدنا ذكية من خلال إقصاء العشوائيات المنتشرة في أغلب أحياء المناطق، ورفع جودة الحياة في منظومة شاملة تعني بتطوير الجوانب الحيوية في الدولة، خاصة البعد الإنساني؛ لكونه الركيزة الأساسية في مفهوم الأنسنة والتطوير العمراني؛ حيثُ ارتباطه الوثيق بالإنسان، وتصميمه وفق معايير هندسية عالمية، تستقطب كافة شرائح المجتمع وفق آليات متعددة، تضمن إيجابيات مستدامة في تطور المجتمع ورفاهية المواطن.

إن تنمية المكان و رفاهية الإنسان هما علاقة تكاملية، تخلق بيئة خصبة للإبداع والابتكار؛ فتصبح تلك المدينة ذات نظم وتصنيفات معيارية خاصة، ينعم فيها بالهدوء و الاستقرار، بعيدًا عن روتين الحياة وضغوطاتها، والذي تضطر معها الكثير من الأسر للهرب لتلك المدن؛ بحثًا عن الترفيه الذي يفتقدونه في أماكن إقامتهم، مما يخلق مشكلات عدة، أهمها: الزحام، والاختناقات المرورية.

هذه المشاريع والرؤى المستقبلية هي توجه عالمي يستقطب الإنسان والبيئة، ويعكس مستقبلًا واعدًا للأجيال القادمة في مواكبة العالم للتنمية المستدامة، و ردم الفجوة بين القرية والمدينة، والتي قد يمكن معها  إنهاء الجدلية المطروحة في تحقيق العدالة الاجتماعية لتلك القري النائية، والبعيدة كثيرًا عن عالم التطور وصخب الحياة. 

ما زالت عقول قاطني تلك القرى والمحافظات محصورةً في دائرة التفكير للهجرة للمدينة والبحث عن حياة أرقى وأفضل ؛ تلك الهجرة التي تؤرق المدن من تكدس الثلوث البيئي فيها.