|

"مصالح تُنهي القيم والمبادئ "

الكاتب : الحدث 2024-05-25 05:14:31

بقلم ـ حافظه الجوف 

لعل التحول الكبير والخطير الذي حصل في المجتمعات، جعلنا نعيش بحسرة وألم ، فهناك مشكلة كبيرة بدأت إشاراتها واضحة، تتمثل في تبدل عميق في مستوى القيم في المجتمع ، اليوم نحن نعيش في حسرة تغير منظومة القيم النبيلة التى كانت تسود فى مجتمعنا شيئا فشيئا،فحينما تضيع القيم والمبادىء الأكيد انه يطغى الشر وينتشر الكذب، و يعم النفاق، تكثر الخيانات، تقل البركة، ويزيد الفساد، حتى وإن مات الإنسان تبقى مبادئه النبيلة وقيمه الحسنة وذكره الحسن وسمعته الطيبة ؛ كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء، ولكن عندما تصبح المصالح الشخصية للأنسان هى ديدنه و همه الوحيد ، تطغى عليه وقد يتخلى عن مبادئه وقيمه وإنسانيتة بسببها، مما قد يفقده مكانته كإنسان له حقوق وعليه واجبات، فعندما تسيطر الدنيا والمصالح الخاصة على العقول يصبح الإنسان مملوكاً لمصلحته، وهذا ما يحدث جلياًّ و واضحاً للعيان فى عالمنا الآن، ويصبح الإنسان يعمل داخل محيط ضيق جداً ؛ وهو حول مصالحه الخاصة فقط، إلى ان طال الأمر الوالدين من كبار السن، عند ذلك نقف لمواجهة تغير القيم الإجتماعية، لأن القيم بمضمونها العميق إذا ما اهتزت ؛ فبذلك فقد المجتمع وحدته وتماسكه واستقراره، والمتابع للمشهد الحياتي يعرف إننا اليوم نعيش في ظل ظروف متغيرة ، و مؤثرة على الأبناء والآباء معاً ؛ فالعقوق يأتي من تخلي بعض الآباء عن دورهم في التربية لأبنائهم وإنشغالهم عنهم، لذلك نسمع الكثير من قصص العقوق والجرائم التي يرتكبها الأبناء في حق والديهم ، فمظاهر العقوق متعددة ومنها مايفعله الأبناء وهم غافلون عنه، ومن ذلك رفع الصوت عليهما والتضجر وإظهار الانزعاج من أوامرهما ، والغضب  والصراخ أمامهم أو عدم إعطاء اهتمام أو أنتباه لكلامهم ، كلها أمور تعد من عقوق الوالدين والإساءة لهما فالتغيّرات الاجتماعية أخلّت بطبيعة العلاقة التي تربط بين الأبناء وآبائهم، فأصبح الضغط الاجتماعي يؤثر على الأبناء، و كثرة انتقاد المجتمع للابن غير البار بوالديه يجعله منبوذًا بين الناس، لذلك يجامل ببره بوالديه، هُنا أكد المختصين  على أنَّ من الأمور التي ساهمت في عقوق الوالدين، تعقيدات الحياة وانشغال الأباء بحياتهم الخاصة واستقلالية الأبناء عن أهاليهم والاعتماد على السائق والعاملة في تلبية طلباتهم، لذلك يرى اصحاب الأختصاص في شؤون الأسرة أنَّ علاج هذا العقوق لا يمكن أن تؤديه الأسرة وحدها، بل يجب أن يكون هناك توعية مجتمعية، مُشدِّدين على أهمية تنمية الوازع الديني لدى الأبناء، حتى إن لم يرع الابن والديه أو يبرهما من الجانب العاطفي، وقد وصى الله عز وجل الأولاد بالإحسان إلى الوالدين في مواضع عديدة من القرآن الكريم ؛ منها قوله تعالى : ” وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ “. (لقمان 14) ، لكن ما تؤكد الحقائق عليه ان العلاقات الإنسانية تسير نحو الضعف والاهتزاز ، فالعواطف والمشاعر الحميمية التي كانت تغلف الأجواء الأسرية فقدت ذلك البريق ؛ الذي كنا نتباهى به كمسلمين، وأصبح الأساس في العلاقات محكوما بالمصالح المادية والمنفعة المتبادلة، وأكثر ما يثير الحزن و الإستهجان ما بدأ يبرز في الآونة الأخيرة من عقوق بعض الأبناء لوالديهم ، الذين أمضوا سنوات العمر في السهر على راحتهم وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم ، وعلى الرغم من أن الإسلام قد أعطى للوالدين مكانة خاصة تكاد تصل إلى درجة الإجلال ؛ إلا أن ضعف الوازع الديني وانصراف الناس إلى قضاء شؤونهم الخاصة؛ أبعدهم حتى عن تنفيذ الأوامر الإلهية التي تقضي ببر الوالدين والإحسان إليهما.