|

كَبُرنا .. والحياة قصيرة ..!

الكاتب : الحدث 2023-12-10 10:53:03

بقلم ـ د/ سلمان حماد الغريبي

 

كَبُرنا وإللي كان كان في لمحة بصر وشاب الشَعرُ وضَعُف النظر ..!! و زمان أول رحل بكل مافيه من أفراح ومآسي و أحزان .. و بقي المستقبل في علم الرحمن  ...! فكلٌ منا فرِح وحزِن وفَقَدَ .. والنهاية واحدة وأجملها واروعها عند الله من صبر وحمدالله ورضي وشكر في الأفراح والأحزان ..!
ولكن .. هل تمعنتوا وتبصرتوا واخذتم العبر ممن سبقونا ورحلوا عن هذه الدنيا وأن الأيام تمر مُسرعة بسرعة البرق وكأن اليوم ساعة والشهر يوم .. ولا ندري هل هي معنا أم علينا ..؟!
وماذا قلنا فيها وما صنعنا بها
أخيرٌ كان لنا فيها ام شر علينا ..؟!
بدأناها من الحارة او القرية او جمعناها في حياتنا سويا فعشنا هنا وهناك .. بدايتها كانت جميلة بنياتٍ مخلصة صادقةٍ ونفس طيبة بريئة ... فلا هذا يكذب على هذا ويخون ويغدر ولا هذه تحقد على هذه وتتآمر عليها .. تعلمنا و تربينا من آبائنا وامهاتنا على الصدق والأخوة والجيرة الصادقة الصافية النقية .. أبوابنا دائماً للخير وبالخير مفتوحة وسطوحنا واحدة متلاصقة بجانب بعضها مرصوصة .. كبيرنا يعطف ويراعي صغيرنا وصغيرنا يحترم كبيرنا فالكبار هم آباء للجميع والصغار أبناء لهم فالخير بينهم يعُم .. والشر يخص والكل يهبُ كَيدٍ واحدةٍ لإجتثاثه من أساسه قبل أن يعم على الجميع فيزول وكأن  شيئاً لم يكن .. البيوت مستورة فلا تعرف غنيها من فقيرها أو محتاجها كلهم سواء يُكمل كل واحدٍ منهم الآخر وكأنهم جميعاً أغنياء بتكاتفهم وحبهم وادبهم وإحترامهم بعضهم لبعض وصدقهم وحبهم للخير بأن يعم بينهم دون ان تُجرح مشاعر أحدهم .. أعود بأفكاري لزماننا وأفتش بين ثنايا الضحكات عن سعادتنا التي كنا نتمنى بها وتأخذني الأحاسيس إلى أحلامنا .. وأرى الثواني تمضي من أمامنا ولا تزال نفس المشاعر فينا ولكن هل الزمن فعلاً تغير أم نحنُ من دواخلنا تغيرنا..؟! ولكن .. دفاترنا لا زالت مملوءة برسم طفولتنا ومقاعدنا لا زالت تحوي دفء حكاياتنا مع من فقدنا ومع من أحببنا .. فيأخذنا التفكير بعيداً بعيداً للمستقبل بعد هذا الماضي الجميل وكيف سوف يكون ..؟! فاللهم أعن اجيالنا على مستقبلٍ آتٍ واهدهم ويسر الهُدى لهم لما تُحب وترضى وخذ بنواصيهم للخير والبر والتقوى إنك ولي ذلك والقادر عليه ...
وختاماً : عندما كنت مُنهمكاً في كتابة هذا المقال والأفكار تأخذني يميناً ويساراً أبحث عن ختام يليق بهذا المقال وصلتني رسالة كهدية لله وفي الله من أحد الأصدقاء مما راق له حفظه الله ورعاه وتواردت فيها افكارنا وخواطرنا فأحببت ان اختم بها هذا المقال وهي بعنوان : (الرحلة_قصيرة)
وهي تحكي عن شخص يقول انه كان راكباً في حافلة وكان هناك رجل عاقل كان يجلس بجواره وحينما توقفت الحافلة في إحدى المحطات .. دخل شاب بكل عنف وجلس بجانب هذا الرجل واصطدم به هو وحقائبه الكثيرة التي يحملها .!! ويقول حينما رأيت هذا المنظر إنزعجت كثيراً ، وسألت الرجل لماذا لا تقول شيئاً ..؟!
لهذا الشاب الفوضوي ..!! فأجاب هذا الرجل العاقل  بابتسامة هادئة :
ليس من الضروري أن تكون قاسياً وتجادل على شيء تافه (فالرحله قصيرة) .. وأنا سأنزل في المحطة القادمة..
يقول هذا الشاب : هذه الكلمات : "الرحلة قصيرة" دقت ناقوساً قوياً في عقلي ، ورأيت أنها تستحق أن تُكتب بماء الذهب ، وأن نجتهد لنعمل بها في تصرفاتنا اليومية .. ليس من الضروري أن تكون قاسياً وتجادل على كل شيء لأن الرحلة قصيرة..
ولو تنبه كل منا بأن رحلتنا في هذه الدنيا قصيرة جداً ، فلن نجعلها مظلمة ، مليئة بالجدل وعدم العفو عن الآخرين ، وسوء الخلق وعدم شكر النعم .. ونكون بذلك قد حفظنا جهدنا ووقتنا من الضياع ...!
هل كسر أحدهم قلبك ؟!كن هادئاً فالرحلة قصيرة .. هل خانك أو غشك أو استهزأ بك أحدهم ..؟! كن هادئاً فالرحلة قصيرة .. مهما كان نوع الظلم الذي حصل لك من أحدهم  .. فتذكر دوماً أن الرحلة قصيرة .. نسي أحدهم معروفك ووقفتك معه وسؤالك عنه ..!!
كن هادئاً ، فالرحلة قصيرة ..
إنتقص من حقك ولم يحترمك ولم يقدرك حق التقدير ..!! كن هادئاً ، فالرحلة قصيرة ..
فلنملأ قلوبنا بالمحبة والسلام .. فرحلتنا قصيرة جداً ، ولا يمكن الرجوع إليها بعد تركها .. ولا أحد يعلم مدة رحلته .. ولا أحد يعلم هل سيبقى للمحطة التالية أم لا ..!! فاللهم إهدنا لأحسن الأخلاق فأنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت .