|

( الناجي الوحيد )

الكاتب : الحدث 2023-11-06 02:19:33

مسعودة ولي

الكلمة بدايةً قد توحي بالنصر والتغلُب وربما بداية حياة جديدة؛ لكن هل فعلًا الناجي الوحيد يُعتَبَر ناجي !!
دائمًا نسمع الناجي الوحيد لحوادث وكوارث وحروب كأن يُذاع خبر نجاة الشاب الوحيد من القذيفة أو الطفل الذي نجا من الحادثة أو المرأة التي نجَت من غرق السفينة و إلخ... هل فعلًا النجاة دائمًا مرتبطة بالكوارث المادية التي نراها على أرض الواقع !! 
علمًا بأن هؤلاء ليسوا من نجوا بالفعل بل هؤلاء الناجين الذين سيُعانون لبقية حياتهم من عُقدة الذنب لبقائهم ورحيل غيرهم وربما سيعيشوا أحداث الكارثة التي وقعت بهم للحظة الأخيرة من حيواتهم! إذًا ربما الراحلين هم الذين نجوا والباقي الوحيد هو المُعاني الوحيد!!
ماذا عن الذين نجوا وحيدين دون أن يُذاع خبر نجاتهم لأنهم لم يمروا بكارثة ملموسة تُرا بالعين المُجرُدة!!
 كالعاقل؛ بين زُمرة مجانين لو كان مجنونًا لرُحِم من فهمه لجنونهم.. كالقارئ؛ بين مجموعة جهلة لا يفقهون شيئًا سوى الموروث.. كالعالم؛ بين عُبّاد لا يفقهون دينًا ولا عبادة.. كالحالم؛ لا سقف لطموحه في محيط لا يحترم الخيارات الشخصية..
كفرد واعي؛ نجا من إضطرابات النشأة وعقد الطفولة والموروثات التي كانت ستُنهي حياته بين المتمسكين بكل هذه الموروثات المُشيرين إليه بإصبع الإتهام..
كيف لهؤلاء أن يكونوا الناجين الوحيدين في بيئاتهم؛ وهم الذين تعرضوا للعنة الوعي المُهلِكة!!
 كيف لهم النجاة وهم يرون أشلاء الآخرين رغمًا عن محاولاتهم لمساعدتهم لكن؛ دون جدوى!!
كيف يكونوا الرابحين وهم المُرهَقين من القتال في كل جبهة دفاعًا عن حق و إبطالاً لعادة باطلة توارثوها!!
كيف لهم أن يعلنوا راية النصر وهم الذين صُنِّفوا لدى الذين كانوا سيكونوا العضيد لهم؛ بالفاسدين الذين دمروا تكاتف الأسرة لتخليهم عن الموروثات المُدمرة ..!!

هل فعلًا هؤلاء الناجين الوحيدين أم هم فعلًا المُعانين الوحيدين!!

الناجي الوحيد هو البطل في عين العالم والمعاني الوحيد بينه وبين نفسه؛ وعزاءه لنفسه بأنه سلك طريقًا يلتمِس فيه النجاة ولو لم ينجو معه أحد. 

ناجي وحيد! ربما؛ .. يكفي أن لا تكون ضحيّة.