الظالمون ..!
د/سلمان الغريبي
الظالمون ... بين الظُلم واستغلال ثغرات القانون وعدم الخوف من الله رب العزة والجلال العدل الحي القيوم المنَّان ذو الجلال والإكرام .. فقد كثُرت القضايا وتمادى الظالمون واستمروا على وتيرتهم في البغي والغي ، وكثر المحامون والمحاميات للدفاع عن المظلومين والمظلومات لإحقاق الحق وردع الظالمين عن ظلمهم الذي استمرأوه ، وقلة مخافة الله في قلوبهم في السر والعلن ..! فنُكثت المواثيق ، ونُقِضت العهود ، وطغى الكذب والنفاق وسوء الأخلاق وقِلة الحياء في التعامل بين الأقارب والجيران وسكان المجتمع الواحد .. أصبح الظلم عيانًا بيانًا .. حسدًا وحقدًا .. وطمعًا وشجعًا ..عنادًا وطغيانًا .. بعيداً عن مراقبة الله والخوف من عقابه ، وهم يعلمون أنهم ظالمون لكن الشيطان أعمى بصائرهم، وران السواد على قلوبهم وحجبها عن الحق، وجعلوا من أنفسهم أداة للشيطان يتلاعب بهم كيفما يشاء في الليل وفي النهار .. ولم يكترثوا بأن الله يسمع ويرى ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .. شديد العقاب في الدنيا قبل الآخرة ، ومنتقمٌ جبارٌيقتص منهم فى صحتهم و أهليهم وفلذات أكبادهم .. غشيت أبصارهم بالحقد والحسد والطمع الذي جعلهم لا يرجون لله وقارا .. ظالمون لأنفسهم ولمن حولهم ، ضاربين بمخافتهم من الله والمبادئ والقيم والأخلاق عرض الحائط، وكأنها لاتعني لهم شيئًا ونسوا أو تناسوا أن لهم آباء في قبورهم يكتوون بنار ظُلم ابناءهم ؛ بسبب أفعالهم والعياذ بالله ، فما بروؤا ذمم آباءهم ، ومانفذوا عهودهم ومواثيقهم التي تعاهدوا وماتوا عليها ، وعطلوا مصالح الإرث دون وجه حق ..! فكثرت القضايا .. وقست القلوب.. وتجمدت الأحاسيس والمشاعر، فترى الابن يشكو أباه والعكس كذلك ، والأخ يشكو أخاه وأخته ، والأقارب فيما بينهم القطيعة والشحناء ، والجار كذلك يشكو جاره لأتفه الأسباب وأصغرها ، ويُسحِبون محارمهم في دهاليز المحاكم ولايهتمون بذلك والله المستعان .. والمحامون والمحاميات يتفنون في المرافعات والنقض والاستئناف ، وتزيد الفرقة والمشاحنات بين الأفراد والجماعات وقد تصل للملاسنة والمشاحنات ثم التشابك بالأيدي والسلاح الأبيض وإطلاق النار ، وقد تصل للقتل -والعياذ بالله- بسبب الظلم والظالمين .. إنهم فئة قليلة استباحوا أكل الحرام بالكذب والنفاق وأسوأ الاخلاق ، واستغلوا مواقعهم لبث الظلم بين الأفراد و الجماعات للكسب الحرام أو لمآرب سيئة وخبيثة في نفوسهم .. فالظلم ياظالمون يجركم لمهاوي الردى ، ويؤدي بكم لانعدام البركة ، وقد يصل في كثير من الأحوال للحرمان منها .. وقد يفتح الله باب رزقه لبعض الظالمين ليستدرجهم ويمهلهم من حيث لا يعلمون ، ثم يهلكهم بغتة وهم لا يشعرون .. فهناك بعض من البيئات تساعد على الظلم ، وينتشر فيها بكثرة ، وتجعل الظالم يكبر ويترعرع فيها جهلاً وتخلفًا وبدون مخافة الله مع الأنانية المعززة بضعف الشخصية وحب الظهور والتفاخر بين البشر .. الظالم قد يجد نفسه في بيئة لايشعر فيها بمسؤلية ، ولا يستطيع فيها التميز بين الخطأ والصواب ، كما أنه لا يمكن القضاء على الظلم بشكل نهائي لكثرة الظلم بين الأفراد وفي أكثر المجتمعات .. وقد يتفوق الظلم أحيانًا على القانون في بعض الحالات لكن هذا لايعني ضياع حق المظلوم عند الله سبحانه و تعالى ، فهو القائل في مُحكم تنزيله :(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّـهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا)..
(وَعَنَتِ الوُجوهُ لِلحَيِّ القَيّومِ وَقَد خابَ مَن حَمَلَ ظُلمًا)..
(وَمَن أَظلَمُ مِمَّنِ افتَرى عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا أُولـئِكَ يُعرَضونَ عَلى رَبِّهِم وَيَقولُ الأَشهادُ هـؤُلاءِ الَّذينَ كَذَبوا عَلى رَبِّهِم أَلا لَعنَةُ اللَّـهِ عَلَ الظّالِمينَ) ..
(وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)..
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّـهِ وَمَا اللَّـهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) .. صدق الله العظيم .