|

٠٠ الأسرار خارج الأسوار ٠٠

الكاتب : الحدث 2023-08-27 12:23:43

يقال دائمًا في أغلب المناسبات "البيوت أسرار" وخصوصًا عندما لا تلاحظ على شخص علامات التوتر أو المرض أو الفقر تراه دائمًا حَسُنَ المظهر ، وتسمع عنه سمعة ً حسنة ، وفي لحظةٍ يتغير حاله لأي سببٍ كان سواء لظروفٍ معيشية أو صحية أو غيرها من الأسباب ..

 أحد تلك الأسباب ما يقودك للذهاب لبيت ذلك الشخص فتدخله وتشاهد وضعه عن قرب ، هنا تستدرك الحكمة من 
كلمة "البيوت أسرار" ..

فكبار السن كانوا يقولون لِمَنْ يحل عليهم ضيفًا عند مغادرته لهم : "استر ماواجهت" يقصدون بذلك عدم إفشاء السر لذلك البيت سواء ً ما واجهه من كرم وحُسن ضيافة أو ضيق حال ..

اليوم خرجت الأسرار خارج الأسوار ليس من قبل الضيف الذي يحل على أهل الدار ؛ بل من قبل صاحب الدار أو من قبل ابناءه ، فتجد مَنْ يتباهى بأكله وشربه وملبسه ، ومنهم مَنْ يتباهى بمركبته ومسكنه حتى أدق الأشياء من الأسرار والتفاصيل داخل البيوت يقومون بتصويرها ونشرها خارج الأسوار حتى الأجساد عارية لم تخلُ من التصوير .. 

أين مراعاة مشاعر الآخرين ممن لا يجدون قوت يومهم 
أو قطعة قماش تستر عورتهم لدى هؤلاء الذين أصبح ديدنهم هو تصوير حياتهم اليومية بأدق تفاصيلها ؟

هل خروج الأسرار خارج الأسوار ظاهرة حضارية تتواكب مع متغيرات الحياة العصرية ؟ أم هو الهوس للوصول إلى قمة الشهرة ؟ أم هو هروب من عادات وتقاليد الماضي ؟ أم هو انسلاخ من المجتمع المحافظ والخروج عن 
 القِيَمْ الإسلامية ؟ 

 أسرار البيوت أشبه ما تكون بثوب المرء الذي يستر به جسده ويظهره أمام الآخرين بمظهر حَسَن ، وأخلاق المرء ليس فيما ينشره وإنما فيما يستره .
بقلم/جبران شراحيلي
---------------------