دعها إن لم تؤذِك ..
نايف العجلاني
قال تعالى :(تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورً). سورة الإسراء
الكثير منا يجهل أن هناك بعض الحشرات محرم قتلها والبعض الآخر لم يُؤمر بقتله أو تركه.
أما مثال ما نهى الشرع عن قتله ألا وهو "النمل" الذي نراه كثيرًا في المنازل والطرق، ومثال ما سُكت عنه فلم يأمر الشرع بقتله أو تحريم قتله الصراصير .
العجيب أن بيننا من يعرف هذا الحكم ويقتل المنهي عن قتله حتى وإن لم تؤذِه فربما تجد شخصًا يدخن سيجار بالقرب من شجرة أو بجوار منزله فيهُمّ بإطفاء سيجارته بحذائه فيجد نملة تسير في طريقها لم تؤذِ أحدًا ولربما كانت تسبّح بحمد ربها فيقوم بدون أدنى شعور منه بسحقها بقدمه كي يقتلها لأنه يعتقد أنها ربما ستؤذي أحدًا .. وهي في حقيقة الأمر ولم تؤذه وإنما اعتقاد منه فقط.
لنسأل أنفسنا هل هذا الشخص الذي يعلم بالنهي عن قتل هذه النملة المسكينة هل هو يأثم أم يؤجر لأنه قتلها خشيةَ أن تؤذي أحدًا؟. أترك الإجابة لكم لأني لست أعلم.
وربما تجد إمرأة تسير على قدميها برفقة ابنها الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره في إحدى الطرق الرئيسية ، فيشاء القدر أن تصادف أحد الصراصير التي للتو خرجت من فتحة غطاء الصرف الصحي تبحث عن رزقها وربما تكون مسبّحةً بحمد ربها ولأن هذه المرأة كمعظم النساء تشمئز نفسها من رؤية الصراصير لسبب تجهله تأمر إبنها بقتله ورميه بعيدًا عن طريقها. أما كان الأولى تركها تعيش وتسبح الخالق عز وجل بدلًا من قتلها بالرغم من أنها لم تؤذِ أحدًا وكل ذنبها أنها مقززة؟
هذا الجانب الشرعي ، أما الجانب البيئي فإنني شخصيًا لا أعتقد أبدًا أن الله عز وجل قد خلق شيء ليس له دور في توازن بيئتنا .. فلماذا نقتل كل ماوقعت عليه أعيننا إن لم تؤذِنا ؟ لماذا لا نتركهم يسبحوا الخالق ويساهموا في حفظ التوازن البيئي ؟ بل الأدهى أننا قد نغرس في نفوس أبنائنا - بدون قصد منا - ثقافة قتل الحشرات إما للتسلية أو لأنها لاتعجبنا ، وهنا أقصد قتلها في مكان عام كأب يصطحب ابنائه خلال نزهة برية ويرى الأب وبجانبه ابنه الصغير نملة فيسحقها بكوب قهوته من باب التسلية أو ولربما أصبحت عادة لديهم.
عزيزي إن كان وجود النمل أو أي حشرة أخرى يضايقك احملها بعيدًا عنك أو غيّر مكان جلوسك فهذه النملة محرم قتلها.
دعوني أختم بهذه العبارة "كل مخلوق في هذه الدنيا مهما كان حجمه له الحق أن يعيش بسلام مالم يسبب لنا الأذى" ودعوني أخبركم بما أفعل وربما يعتقد البعض أنني مجنون .. إذا وجدت بمنزلي حشرة لا حول لها ولاقوة ، ولا ذنب لها إلا أنها دخلت منزلي ، فإني أقوم بالتقاطها بقطعة قماش كي لاتتكاثر في منزلي وأطلقها خارج المنزل تعيش بسلام ، ولكن إن وجدت منها أذىً وضرر فإنني سأكون قاسيًا جدًا وذلك حماية لنفسي وأسرة بيتي وسوف أستخدم كل أنواع المبيدات للتخلص من أذاها .