هندسة المسافات في العلاقات ..
بقلم ـ نهاد فاروق قدسي
هندسة المسافات في العلاقات ..
إتقان فن إدارة المسافات ..
استراتيجية المسافات ..
ذكاء المسافات ..
كثيرًا ماتترد مثل هذه العبارات على مسامعنا من قبل خبراء علم الاجتماع ومستشاري الطب النفسي وأساتذة العلوم الإنسانية والتي تستهدف بدورها التوعية للوصول إلى علاقات اجتماعية صحية ذات روابط إيجابية ..
فـ كلٌ منا لابد أن يعرف متى يقترب ومتى يبتعد ؟ متى يظهر ومتى يختفي ؟ متى يلتفت ومتى يتغافل ؟ متى يتحدث ومتى يلتزم بالصمت ؟
ولابد أن نعرف جميعًا كيفية تطبيق تكنيك فن المسافات في تعاملاتنا .. نقترب بذكاء وننسحب بحكمة .. ونزن علاقاتنا بميزان العقل لا العواطف ..
فالوعي بـ أبجديات هذا الفن وتطبيق منهاجه الذي نحن بصدد الحديث عنه هو -بالتأكيد- جزء لايتجزء من فن الإتيكيت و الدبلوماسية الإنسانية ..
فَـلا لاختراق خلوة الآخرين ولا لتجاوز حدودهم .. ولا للابتعاد إلى حد الجفاء والافتراق .. ولا للاقتراب إلى حد السأم والاختناق ..
فَـ مابين الاقتراب والبعد مساحة آمنة لها عورتها الخاصة التي لابد أن نحرص على احترامها وعدم اقتحامها من قبل أيًا مَنْ كان ومهما بلغت درجة القرب .. وإن ضبط المسافات من سنن الله في كونه استدلالاً بقول الله تعالى في كتابه الكريم:* {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }* ..
ومما لايدع مجالاً للشك أن ذكاء السيطرة على المسافات يطيل من عمر العلاقات ويزيد من قوتها وصمودها أمام تيارات المواقف الحياتية العاتية ..
وإن الذي يحظى بعلاقات فريدة طويلة الأمد هو مَنْ يتقن فن إدارة تلك المسافات.. لا يبتعد أكثر مما يجب .. ولا يقترب أكثر مما يجب؛ بل يكن في المنتصف دائمًا .. فَـ خير الأمور " أوسطها " وذلك توجيه نبوي محمدي وأسلوب فكري تربوي ..
فَـ لتبقى مسافاتنا الآمنة مختزلة في هدوء العزلة بعيدًا عن ضجيج الصخب؛ لننعم بحياةٍ أفضل، ونعيش أيامًا أجمل ..