|

بريق المدينة ووهج القرية

الكاتب : الحدث 2023-08-05 09:39:47

 

بعد أن ودّع اهله حمل حقيبته التي وضع بها كل مستلزماته وخرج من منزله ومشى عدة خطوات 
أدار وجهه للخلف أطال النظر وكأنه يشاهدها لأول مرة تأمل في وجهها أراد أن يودعها كما ودّع أهله لكنه آثر الصمت خشية البوح بما في صدره ٠٠

أدار وجهه وترك ظهره مقابلاً لها أسرع الخُطى حتى توارى نظره عنها هنا انسابت 
من عينيه دموع الفراق على معشوقة قل يرى  بجمالها بنضارتها بقوامها شبيهة ًلها في اي مكان آخر ٠٠

مسح عينيه بيده وواصل سيره حتى وجد شخصًا يقود سيارة عتيقة فاستوقفه وقال هلاّ حملتني معك إلى المدينة قال مرحباً تفضل ركب معه وسار إلى المدينة حيث هناك وظيفته التي سافر لكي 
يباشر العمل بها ٠٠

باشر العمل فور وصوله ويوماً بعد يوم بدأ يتعرف على زملاء العمل وبدأ يتحرك معهم في ارجاء المدينة حتى أصبح وكأنه أحد أبناءها كان مُجدا ً في عمله وشغوفا في حب المدينة وشغوفا لما رأى فيها من حركة عمرانية وحركة اقتصادية وما رأى فيها من أسواق كبيرة تحوي داخلها أنواع المستلزمات الشرائية التي لم يشاهدها من قبل في حياته 
مكث في المدينة فترة طويلة كان خلالها لا يتواصل مع أهله إلا ّبواسطة الرسائل الخطيّة 
حب المدينة أخذ منه 
كل وقته وكل حياته ٠٠

ذات صباح وبينما كان منهمكاً في عمله لاحت صورتها في خياله وكأنها تعاتبه على نسيانها حاول يُبعد تلك الصورة وذلك الخيال غير أن هناك كان ماهو ابعد من ذلك كانت الصورة تقترب اكثروالعتاب 
يزيد أكثر ٠٠

لم يعُد قادراً على مواصلة العمل استأذن وعاد إلى السكن الذي يقيم فيه برفقة مجموعة 
من زملاء العمل 
جمع ملابسه على عجل ووضعها داخل حقيبته دون ترتيب وخرج من السكن مسرعا ً قال له أحد رفاقه 
إلى أين قال إلى القرية 
إلى قريتي التي بكيت عليها عند خروجي منها ولم أودعها خشيت أن يفضحني عشقها 
فلقد حضرت اليوم إلى العمل وعاتبتني أشد العتاب سأعود إليها وارتمي في حضنها
 لقد نسيتها فلم تنساني وتخليت ُعنها فلم تتخلى عني سأعود كي أخبرها أن للمدينة بريق آخر وهي لها وهج يسري مع القمرا وعبير نسمات مع إشراقة الصباح وزقزقة عصافير على جنبات الحقل وصوت مواشي وهي عائدة تعانق صغارها 
عند الغروب 
لها حضن دافئ في 
ليل شتاء قارس 
وحُلة خضراء توشحت
 بها يوم ربيعها ٠٠٠ 

  ٠٠  بقلم جبران شراحيلي ٠٠