|

من طفل في بيت الطين إلى رائد من رواد المملكة

الكاتب : الحدث 2023-07-13 05:02:59

بقلم : محمد بن عبدالله العتيق 

للمملكة رجال، أفنوا أعمارهم في خدمة وطنهم الغالي، وغرسوا فيه بذور الحضارة، لنجني اليوم ثمار هذا الغرس، ويكونوا مثالاً في العطاء تقتدي بهم الأجيال جيلًا بعد جيل.
د. عبد الرحمن المشيقح، رئيس مجلس إدارة شركة الوسائل الصناعية، رجل الأعمال والثقافة، والتربية والبناء، صاحب الفكر المعطاء، والعمل المتواصل، والأثر الدائم في الخير بإذن الله.
ولد في مدينة بريدة عام 1364 هـ، في بيت من الطين، يقطنه الشيخ عبد الله المشيقح، والده الذي حرص على تعليمه القراءة والكتابة منذ نعمومة أظفاره، فتعلق قلبه بكتاب الله عز وجل، الكتاب الأول في حياته، الذي فتح له أبواب القراءة والمعرفة حتى صار اقتناء الكتب وقراءتها مصدر سعادته.
كوالده انتبهت والدة د. عبد الرحمن باكرًا إلى نباهته، لكنها كانت حريصة أن تكون هذه الفطنة متعلقة بالله عز وجل، بإشباعه بالقيم، وتنشئته على حب الله والكتاب، ملتزمة بتنشئته على أداء واجباته الدينية، حبًا وطوعًا.
عالمه الصغير هذا، كان أوسع في خياله من كوكب الأرض والمجرات، ودقائق الكائنات، فكان التحاقه بالمدرسة في بريدة، حيث تلقى التعليم بمراحله الابتدائية والمتوسطة والثانوية، لينتقل بعدها لدراسة علوم الكيمياء قسم الحيوان بجامعة الملك سعود في الرياض عام 1971 م، ويحصل على شهادة الماجستير من جامعة إنديانا عام 1976 م والدكتوراة من جامعة كينيدي وسيترن عام 1989 الأمريكيتين في التربية.
منذ عودته إلى أرض الوطن، بعد رحلته العلمية، كرس د. عبد الرحمن المشيقح كل ما تحصل عليه من العلم والخبرة والمعرفة في خدمة وطنه ومجتمعه، فعمل في تدريس المرحلتين المتوسطة والثانوية، حيث كان مشهودًا له بالتميز، ما أهله للعمل في معهد المعلمين، والارتقاء وظيفيًا ليصبح مديراً للمعهد الفني الزراعي ببريدة.
لم يبخل د. المشيقح على وطنه بالعلم والعمل، لكن تعدى عطاؤه حدود المملكة، ليشارك في تطوير مناهج الأحياء للمرحلة الثانوية في العالم العربي بتكليف من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الأليسكو".
وجمع خلاصة فكره وعلمه في مجموعة من المؤلفات المهمة، من بينها "التعليم المهني والتقني وحتمية التوجه العربي"، و"التعليم المهني والتقني في العالم العربي"، و"بنجر السكر زراعة وصناعة"، و "المقيس بين السبت والخميس"، و"معجم المشيقح التقني لمصطلحات العلوم الزراعية والبيئية" الذي أهله للحصول على جائزة وزارة الثقافة والإعلام في مجال العلوم عام 2012 في معرض الكتاب في الرياض.
وله الكثير من المؤلفات الأخرى من بينها "سطور في التنمية" و"معجم المشيقح التقني للمصطلحات العلمية والهندسية" و"عقود في حوار" و"رجل ومجتمع" و"رحلة الكلمات العربية في اللغات الأوروبية" و"معجم الوسائل“، بالإضافة للمشاركة في تأليف كتاب" عندما تلتهب القوافي"، و "رمز في ذاكرة بريدة".
عمل د. عبد الرحمن وما زال على نشر الثقافة في المجتمع، فأسس منتدى "أربعائية المشيقح في بريدة" الثقافي، وترأس مجلس إدارة "جامعة المستقبل" منذ 2003، بالإضافة لكليات القصيم الأهلية للبنين والبنات، وهو أيضا شريك مؤسس في مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع – موهبة، وعضو سابق في مجلس إدارة نادي القصيم الأدبي.
وعلى الرغم من كل هذه الإنجازات في مجالات الفكر والعلم، إلا أن د. المشيقح تعدى بإبداعه إلى التجارة، ليصبح واحدا من أبرز رجال الأعمال في المملكة، ورئيساً للغرفة التجارية الصناعية بالقصيم للدورات الخامسة والسادسة والسابعة ورئيساً لمجلس إدارة المدينة الصناعية بالقصيم، ورئيساً للعديد من الوفود إلى الدول العربية والغربية.
عطاء لا يتوقف وعمل لا ينتهي ما دام في الجسم قلب ينبض، لتثبت المملكة مرة بعد مرة أنها قوية برجالها الكبار، وعظمائها الذين يكرسون كل ما يملكون من علم ومعرفة وطاقة ومال في سبيل رفعة الوطن، وتنمية الأرض والإنسان.