|

أدوا مناسكهم بسلام آمنين

الكاتب : الحدث 2023-07-03 08:01:34

 

بقلم/ محمد العتيق 
@aloteeq 

مثل كل عام نتابع أبرز الأحداث والأرقام التي رافقت موسم الحج، تلك الفريضة التي كرم الله بها أرض المملكة العربية السعودية وشعبها وقيادتها، وفي كل موسم تبهرنا الإنجازات، ويبهرنا أكثر ما تراكمه المملكة من خبرة تتجاوز فيها كل عام شوائب ما سبق.
وبينما أتابع الصور والأرقام والتقييم الشعبي والرسمي، مررت بتصريح لحاجة من جمهورية مصر العربية، قالت فيه "أتمنى أن أقبل رأس كل عسكري على عطائهم وعملهم على مدار الساعة لراحتنا".
عطاء بلا حدود، هذه هي أبسط العبارات التي يمكن بها وصف الجهد المبذول من المملكة العربية السعودية بكافة مكوناتها، بدءا من القيادة الرشيدة، التي أعطت التوجيهات لتسخير كافة الإمكانات وتطوير البنية التحتية، في المشاعر ووسائل النقل، والإدارات الحكومية، وصولا إلى الكوادر المخلصة، التي لمسنا فيها عطاء لا يتوقف عند حدود الواجب، بل يتجاوز بمراحل، إلى آفاق الانتماء الوطني والديني.
زهاء ١.٨ مليون حاج وحاجة من قرابة ١٥٠ دولة، وفرت لهم المملكة كل سبل الراحة، سواء كانوا من حجاج الداخل أو البلاد المختلفة، بينهم ٤٠٠ ألف تلقوا رعاية صحية، و ٢٤٢ ألفا منهم استفادوا من مباردة طريق مكة، فيما تمتع ٥٠٠ مليون إنسان حول العالم بخدمات الترجمة لرحلة الحج المباركة، التي غطاها قرابة ٣٠٠٠ إعلامي.
إن هذه الأرقام ليست مجرد أعداد مصفوفة بجوار بعضها على ورق أو في موقع إلكتروني، بل هي جهود كبيرة، سنوات من العمل، عرق وكد، تضحيات ونجاحات، تكنولوجيا وإمكانيات، وأحلام تحولت إلى حقائق.
ولأن الإبداع في المملكة كالعطاء لا يعرف الحدود، كانت المبادرات المميزة، كمبادرة طريق مكة، أحد أهم المبادرات التي تهدف إلى تسهيل رحلة الحج حتى قبل أن تطأ أقدام الحاج الأرض المقدسة، وتعنى بتقديم خدمات ذات جودة عالية للحجاج المستفيدين من المبادرة، من خلال إنهاء إجراءاتهم من بلدانهم، بدءًا من إصدار التأشيرة إلكترونيًا وأخذ الخصائص الحيوية، مرورًا بإنهاء إجراءات الجوازات في مطارات بلدانهم بعد اجتياز الاشتراطات الصحية، وترميز وفرز الأمتعة وفق ترتيبات النقل والسكن في المملكة، حيث ينتقلون مباشرة إلى حافلات من المطار في المملكة إلى مقار إقامتهم في مكة المكرمة والمدينة المنورة، بمسارات مخصصة، بينما تتكفل الجهات الخدمية بإيصال أمتعتهم إلى مساكنهم.
ثم جائزة "لبيتُم"، التي حصلت عليها دولة العراق الشقيقة، التي بلغت حصتها ٤١ ألف حاج وحاجة، ونافست للحصول عليها ٧٢ دولة، وهي جائزة شرفية تُمنح لأفضل الدول تنظيمًا في أداء مناسك الحج، ، تعتمد فيها وزارة الحج السعودية معايير تستند إلى الجانب التنظيمي لكل بلد، إضافة للتوثيق، وإيجار السكن والإعاشة والنقل الداخلي والخارجي، والتفويج إلى المشاعر وأماكن الحجيج حسب الفئات، بل وتتعدى في تقييمها إلى البعثات الطبية والإدارية، لتحقق المملكة بهذا إضافة إلى جهدها الذاتي، عنصر الشراكة مع الدول الأخرى، بإعلاء قيمة الإنسان، وتحسين الخدمات منذ اللحظة التي يعقد فيها العزم على زيارة بيت الله الحرام.
أكتب هذه السطور، وأنا موقن أنني مهما كتبت، لن أوفي الباذلين حقهم، ولن أعرف بهم، وكيف تتسع كلمات لمئات الآلاف من المبادرين والموظفين والقادة والمسؤولين، الذي جندوا أنفسهم جنودًا مجهولين، لخدمة فريضة الله وحجاج بيته الكرام.
أدوا مناسكهم بسلام آمنين، تحفهم رعاية الرحمن، وعيون لم تذق النوم سهرا على راحتهم، ليكون كل موسم للحج أفضل وأسهل من سابقيه، وتكون نعمة الله على مملكتنا الغالية، بهذه القداسة والركن الخامس من أركان الإسلام على رأس أولويات ولاة الأمر، الذين أعزوا أنفسهم بلقب خالد "خادم الحرمين الشريفين"، وهو لقب ترتفع به القامات وتتضح به الأولويات.