|

حرية الرأي والتعبير لماذا تخيف الحزبيين

الكاتب : الحدث 2023-06-04 10:42:20

 

أسوأ مسافة قد تزرع بين الناس هي مسافة سوء الفهم المبني على التصنيف المسبق أو الظاهري وأسوأ حاجز قد يخلق بين البشر ويؤدي إلى نزاع وشقاق هو حاجز اختلاف وجهات النظر التي يصعب تجاوزها أو التقريب بينها لأسباب عدة منها: التباين في النشأة والبيئة والتعليم والشخصية، وأهمها وأخطرها تبعية أحد المتحاورين أو كلاهما لفكرين حزبيين متنافرين تربيا وتعلما منذُ نعومة أفكارهما عليها، فأصبح من الصعب التحرر والخروج منها والقبول بالنقد للتيار أو الجماعة التي احتضنتهم منذُ الصغر، فجعلوا من قادتهم ومشايخهم كهنوت يقاتلون من ينبس ببنت شفة تجاههم وكأنهم رسل معصومون.

ولأن التقية منهج بعض الجماعات والتيارات فلا يُشعل فتيل النزاع إلا عندما يطرح أحد رأيًا يخالفهم أو حتى أن ينقله لمجرد الحوار والنقاش بهدف الوصول للحقيقة، فتراهم يشمرون عن سواعدهم ويتواصلون ويتواصون فيما بينهم ويشدون من أزر بعضهم للإيقاع وإقصاء من تجرأ وكتب رأيًا يخالف رأيهم ومعتقداتهم وأوهامهم، وأنا هنا لا ألمح لتيار أو جماعة بعينها بل أعنيها جميعًا ولا أستثني منها أحدًا.

العجيب الغريب أنه عندما يرى رجل غيور يُعلم حسن أخلاقه وغيرته على دينه وحبه لوطنه وشعبه ما يدعوه للحديث بهدف الاستفهام أو النقد، يسعى حينها الحركيون لمصادرة رأيه وإسكاته، أليس في ذلك دليل على خوفهم وجبنهم وعدم ثقتهم بأنفسهم وضعف منهجهم وهشاشة فكرهم؟ ألا يعون أن الإنسان محاسب على مايقول ومحاسب على مالم يقله حينما كان لابد أن يقوله؟ لاسيما إن كان قوله ليس به طعنٌ أو تعدٍ على دين الله أو رسوله، وطالما أنه يسعى لتحقيق أهداف مشروعة من إصلاح وتنوير وتصحيح وتأثير يخدم الإسلام والمسلمين والوطن والمواطنين.

أيضًا أليس للحزبيين ذات الساحة والمساحة للنقاش والرد بذكاء لكسب قلوب وعقول المخالفين دون الاعتقاد والجزم بكل جهل بأنهم فقط على حق والبقية على باطل؟ وأن على الجميع اتباع هواهم والإيمان بأوهامهم، فذاك يالعمري عصر ولى وباد، أولم يسمعوا قول الله عز وجل في محكم كتابه وهو يخاطب المؤمنين: "يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله"؟

وفي الختام أؤكد على أن حرية الرأي والتعبير مكفولة لجميع أطياف المجتمع دون تفرقة أو تمييز، وأدعو كل صاحب رأي وفكر وأهداف سامية يسعى لإيصالها للمجتمع أن يبذل ويجتهد للدعوة بأسلوب راقٍ يجذب الآخرين ولا ينفرهم، وعلينا أن نختار كلماتنا كما نختار ملابسنا فالكلام أيضا ذوق وأناقة، يقول تعالى: "ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضوا من حولك". 
والله من وراء القصد

المستشار والكاتب عضو الجمعية السعودية للإدارة 
محمد سعيد آل درمة