|

يُكلِّمُ نفسه

الكاتب : الحدث 2023-05-16 12:04:36

 بقلم - حنان محمد الثويني

على الرصيف الموازي، وعلى مدّ النظر و الطريق مُتكدِسٌ، بالغادون الآيبون،والناس مُنشغلةٌ في مقاصدِها 

رأيت ذاك الذي طأطأ الرأس من خجلٍ وألم ،والعيون غرقى 

رأيته :
يافع الملامح ، أشيب المفرقين 
حزين المُقلتين وفي حلقه 
غُصه !

بدا لي أنه لم يجد من ينُصت إليه 
من يفهمه ، من يحتويه ، من يُقدِّره ، من يُرشده ، من يعذره 
من يستقطب وجعه، من يسامحه لو خانهُ التعبير !!

راقبته طويلاً عن كثب 

واااحُزن قلبي

تارة ينظُرُ إلى السماء ويتكلم مع الله 
وتارة ينظُر إلى الأرض والأسوار والأرصفة ويُسقط الدمع الذي اجتمع 

رأيتُ، ناراً في قلبه ، وسمعت 
آهاتٌ بزفرتِه،وإِجهاشٌ في بُكاءه وتمتماتٌ وغمغمةٌ وهمسٌ ونداءٌ خافت ، وملامحٌ تتوسل وبالوجعِ تبوح

أتظنون أنه بِكُلِ ذلك لن يسمعه الله ؟!
أتظنون بُكلِ ذاك الإحباط واليأس
والمُعاناة لا يرحمه الله ؟!

مال القلوب قست وتحجرت 
وجفت ، وغادرها الحنان!!

مالنا لانشعرُ ببعضنا 
ولا ندفعُ عن بعضنا البلاء والمِحن !!

ماعُدنا نُطِقْ صبراً ،ولا نلتمس حُلماً،ولا نرحمُ إنسان !!

أتُراه .. كلّم الطريق من فقدٍ 
أم يأسٍ أو وِحدةٌ أو انصِرافٌ عما في أيدي الناس؟

أظنني عرفت :
لابُد أنه طرق الأبواب كُلها 
أبٌ وأُمٌ وأخٌ وأُختٌ وصديقٌ وجارٌ 
وكلهم عرفوا بِسِرّه وقالوا :
سنرى مالذي نستطيعُ فِعله لأجلك..

ثم سكتوا وتركوه غارِقٌ في الأهوال 

ولو لم يقصدهم في ظروفه وأحواله لقالوا؛
لماذا لم تُخبرنا لِنقفُ بجانبك 
ولما اخبرهم هربوا متعجّلون

إذن :
لاضير أنه يُكلِّم نفسه 
ويشتكي إلى السماء والطريق 

ويبدو أني سأفعل مِثله 
واُكلِّمُ نفسي ذات مره !!