٠٠ أموال مبذولة وأدمغة مغسولة ٠٠
قبل ثلاثة عقود كنت قروياً صرفاً لا أعرف سوى الرعي بالمواشي وجمع الأعلاف من المزرعة وشاءت ظروف الحياة أن أترك رعي المواشي وجمع الأعلاف وأذهب للعمل في منطقة خارج منطقتي التي
أقطنها وفي أحد الأيام صادف أن قابلت مع زملاء العمل مجموعة من السيارات أشبه بالمواكب
الرسمية على جوانب تلك السيارات قطع قماش
كتب عليها لا للمخدرات، نظرت لأحد الزملاء
قلت ما هذه السيارات
وما تلك الكتابات عليها ٠٠٠
ألتفت نحوي وقال هذه حملة توعوية عن المخدرات وأضرارها وتجوب شوارع المنطقة لمدة أسبوع كامل وتشارك في هذه الحملة جميع القطاعات
الحكومية مدنية وعسكرية ٠٠٠
أخذني الفضول فقلت لزميلي عفوًا ولكن أول مرة أشاهد مثل هذه السيارات وأسمع عن شيء اسمه المخدرات قال كيف لك أن تشاهد كما ً هائلاً من السيارات وتعرف عن المخدرات وأنت قروي لم تشاهد في حياتك إلا الأغنام والأبقار والجمال ولم تعرف إلا ّ المحش وجلب العلف ٠٠٠
قلت وما الضير في ذلك فهذه حياتنا وحياة الآباء والأجداد، قال هنا الوضع مختلف هنا حياة مدنية وفيها خليط من البشر ومن اغلب الجنسيات وفيها من يجلب المخدرات ومن يستعملها وهذه الحملة تهدف لتوعية الناشئة من الأجيال القادمة ٠٠٠
قلت حسناً لكن هل تصرف مبالغ على هذه الحملة قال أكيد فقد هيأت الدولة المال وهيأت الكثير من رجال العلم والفكر والمثقفين والإعلاميين للمشاركة بهذه الحملة ٠٠٠
زادني الفضول وقلت له عندنا لا توجد حملات ولم نسمع بها قال عندكم حتى الكهرباء غير موجودة وحياتكم بدائية وأنتم مازلتم على الفطرة لكن لا يعني ذلك أن تتجاهل ما تعنيه هذه الحملة من مقاصد وفوائد مستقبلية ٠٠٠
هذا ما حدث قبل ثلاثة عقود وكانت الحياة بدائية فما بالك بالحياة اليوم وقد أصبح العالم قرية صغيرة يتجول الشخص بين مبانيها وشوراعها بضغطة زر من خلال الجوال الذي يحمله بين يديه ٠٠٠
منذ ُ ذلك التاريخ وما زالت الأموال مبذولة والعقول مغسولة كم قُتِل من شخص بسبب المخدرات وكم من شباب ضاع مستقبلهم بسببها وكم من اسرة تشردت وكم هي مليئة السجون بمن صار ضحية لها وكم هي المصحات النفسية التي تعج بالمرضى الذين صاروا رهينة للمخدرات ٠٠٠
أموال تُبذل من القائمين على بُناة الناشئة وعقول تُغسل من قبل أعداء الفطرة السوية وأعداء
وطن الإنسانية وطن المحبة والسلام ٠٠٠
٠٠ بقلم جبران شراحيلي ٠٠