نفاذ الصبر السعودي
أحمد بني قيس
@ahmedbanigais
تشهد حقائق التاريخ وتجارب الواقع بحجم واستدامة دعم بلاد الحرمين للكثير من البلدان الشقيقة والصديقة ويتنوع هذا الدعم ما بين تقديم مساعدات وهبات مالية وبين دعم للعديد من مناحي الحياة الأخرى كالمتطلبات الصحية والاقتصادية وغيرها تعزيزاً لخلق فرص حقيقية توفر لشعوب تلك البلدان نعمة العيش الكريم.
ولكن من المفارقات في هذا الشأن أنه رغم تقديم السعودية لمختلف المعونات والهبات بشكل دوري إلا أن السعوديين لاحظوا أن كل ما يقدمونه يُقابل بقصور ملحوظ في الاعتراف به والثناء عليه بل وصل الحال بالبعض إلى حد رؤيته حق من حقوقهم بحجة مكذوبة تقول بأن الثروات السعودية هي ملك للأمة بأسرها ولا يحق للسعودية التحكم بها وحدها والاستفادة منها في تجاهل متعمد لحقيقة أن السعودية دولة كاملة السيادة وتملك كامل الحق في حرية التصرف بمواردها ولا يحق لكائن من كان التنديد بذلك أو الاعتراض عليه خاصة بعد أن ثبت للقيادة السعودية بأن نهجها المالي السابق لم يقدم لها ما يحميها من البغض والحسد كما أنه أيضاً لم يُفرّج كُرب الشعوب المتلقية لدعمها بسبب سوء تعامل حكوماتهم مع ما يصلهم من هبات ومساعدات سعودية.
فترتب على هذا السوء في التعامل مع الدعم السعودي تحفظ كبير عند القيادة السعودية دفعها بعد أن طفح بها الكيل لفرض تغيير جذري على آلية تقديمها للدعم والمساعدة حيث أصبح المحور الرئيسي لتقديم أي دعم مشروط بحجم وجودة المصلحة التي ستجنيها السعودية من وراء تقديمه وأيضاً مشروط بمدى استفادة شعوب تلك الحكومات من تقديمه.
أخيراً إن ما يجب أن يعلمه الجميع بأن هنالك قاعدة حياتية أصبحت تتبناها القيادة السعودية تقول "أن من لا يعرف قيمة ما يُقدم له ولا قيمة من يُقدمها له فهو غير جدير به" وظهرت معالم تطبيق هذه القاعدة عندما أعلنت القيادة السعودية أن سياسة النهج السعودي المالي السابق الذي كان يألفه الجميع قد ولّت وانتهت وحل ّمكانها سياسة نهج جديد لا يؤمن مطلقاً بالمجانية الصرفة في التعامل وإنما يؤمن فقط بأنه إذا لم يكن للسعودية مصلحة واضحة في ذلك التعامل فلن تتجاوب معه.