|

نشأة المذاهب الأربعة وباب الاجتهاد

الكاتب : الحدث 2023-04-10 03:09:54

أحمد بني قيس 

 

يدور لغط كبير هذه الأيام حول ما أثاره الشيخ صالح المغامسي في برنامج حواري يُذاع على إحدى القنوات المحسوبة علينا كسعوديين حين قال بضرورة فتح باب الاجتهاد بل وحتى تأسيس مذهب جديد يبني على ما أسسته المذاهب الأربعة التي سبقته والتي لازال يتم العمل بها وممارسة العبادات والتعبدات حسب ما تُمليه توجيهاتها وضوابطها رغم مضيّ مئات السنين على وجودها.

وهنا تبرز عدة تساؤلات مثيرة للاهتمام أولها لماذا وُجِدَتْ هذه المذاهب بدايةً؟ وفي ماذا تختلف؟ علماً بأن أئمة هذه المذاهب ظلوا رغم اختلاف مدارسهم الفقهية يحترمون ويقدرون بعضهم البعض ويتقبلون اختلافاتهم بكل ترحيب على خلاف ما هو سائد حالياً عند بعض المتنطعين دينياً الذين يُمارسون التهجم والتطاول على الآخر حتى لو كان ينتمي لنفس المذهب.

ثم لماذا كان السماح بالاجتهاد عند اولئك الأئمة كلٌ في زمنه أمر مشروع ومطلوب ولا يتم الاعتراض عليه مطلقاً؟ بينما في زمننا الحالي ألتزم الجميع بعدم الاجتهاد لأسباب أثبت الواقع أن العمل بها كان من أبرز ما تسبب في تراجعنا الفكري والسلوكي والحضاري والأهم الديني فإلى متى سيظل باب الاجتهاد مغلقاً؟.

ما ينبغي على كل من هاجم الشيخ صالح أن يعلم بأن قاعدة "لكل زمن دولة ورجال" تنطبق على كآفة شؤون الحياة بمختلف مجرياتها والتطورات التي تُصاحبها وفي قمة هرم تلك الشئون فروع الدين (وليس ثوابتها) حيث أن هذا هو تماماً ما دفع أئمة المذاهب الأربعة للقيام بالبحث والتحري كلٌ حسب ما تمليه عليه متغيرات البيئة والزمن والمعاملات الحياتية التي كان عليه مواجهتها والتعامل معها بطريقة يمكن له بها احتواءها شريطةً ألا يكون في ذلك خرق لأي ثابت من ثوابت الدين.

إن ما ينبغي أن يدفعنا للتروي وعدم التسرع في إلقاء التهم وشخصنة الاختلاف كما حصل مع الشيخ صالح هو معرفة أن هذه الأمور التي أوردها الشيخ في ذلك اللقاء هي نفس الأمور التي دفعت الأئمة الأربعة قبله لتأسيس مذاهبهم لذا فإن من أوجدهم قادر إلى إيجاد من يضاهيهم أو على الأقل يساويهم في العلم والمعرفة خاصةً وأننا نعلم بأن "كلٌ يُؤخذ من كلامه ويُرد إلا صاحب هذا القبر" .. صلى الله عليه وسلم.