فن العلاقات
الكاتب / جابر المثيبي
تبدأ علاقة الانسان بعلاقته مع الله قال الله تعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل الله لهم ود) وعلاقته مع الله تؤثر في علاقة الإنسان مع المخلوقين وكل ما كانت العلاقة مع الله متينه وقوية انعكس على علاقاته بالمخلوقين وحسن الخلق مع الله يقوم على التصديق والرضا واتباع أوامره واجتناب نواهيه وهذه العلاقة تنعكس على علاقة المسلم بذاته التي تنعكس في علاقاته مع الآخرين بشكل أو آخر. وتتجلى في أبهى صورها بالله عز وجل في قوله (لا تحزن إن الله معنا)
فتصرفات المسلم تكون في إطار وجود رقيب عليها يحددها ويأطرها، فهو مؤتمن على جسده وروحه وعقله ووقتك وماله. فاستشعار الرقيب يكون سبب في التسامح فيصبر ويكظم الغيض ويتسامح بعكس من لا يومن بوجود الإله فهو يرى أن الحياة فرصة واحدة فتختلف نظرته للتعامل مع الآخرين، فعندما تشعر بأن الحياة فرصة يكون الحسد كبير فبقدر ما تقدر ستأخذ من الكعكة بعكس الذي يكون تطلعه إلى الآخرة.
كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا رأى شيء يعجبه من الدنيا قال لبيك أن العيش عيش الآخرة) فحياة المؤمن مختلفة ومهما ضاقت يجد في سجادته الراحة عبر مفاهيم تحتضنه. وتتحول العلاقة مع الآخرين إلى علاقة لإرضاء الله عز وجل فلهدف هنا ليس الدنيا بل الجنة. فأنا أرضيك لأرضي الله عز وجل.
فلحياة عبارة عن سوق تبنى فيه العلاقات في ظل تعاليم وتشريعات ربانية بعكس الإنسان الغير المسلم، الذي ينظر إلى العلاقات على أنها تكتيك (الزبون دائم على حق) فهو يحاول الدخول إلى القلوب لكسب ما في الجيوب. فاستشعار الإنسان الرقابة الإلهية، تغير مفاهيم كثيرة لديه.
إن علاقة الفرد بذاته من حيث تقديرها وتقبلها يأطرها ويحددها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (لا يحقر أحدكم نفسه) من خلال تحميلها ما لا تطيق، فاحتقار الذات ليس منهجًا شرعيًا ولا إنسانيًا وأيضًا النظر بأني أحسن مما أنا عليه حقيقةً قد يهز من ثقتي بذاتي فالنظرة إلى الذات من خلال، علاقاتي ومهاراتي وقدراتي واهتماماتي وشكلي واسمي وطريقة كلامي، هي جزء من ذاتي، ورد عن علي ابن ابي طالب رضي الله عنه انه قال (الناس يسيرون بين أسير وامير ونظير) فمن أحسن اليك فانت أسيرة ومن أحسنت إليه فأنت أميره. ومن استغنى عنك فأنت نظيره فمعرفة حدود الذات مهمه جدًا متى ابتعد ومتى اقترب متى أوافق ومتى أرفض
كلما زادة الفجوة بين ما أنت عليه وما تظهر أنك عليه تخلق بداخلك مساحة من الألم تملى بالحزن والنفاق وتدخل في صراعات قيمية مع ذاتك وبالتالي مع المجتمع المحيط بك فتضطرب علاقاتك وتهتز علاقتك بنفسك وبالأخرين فتدخل في صراع.
فبقاء الفرد مرتبط ببقاء الآخرين وتزيد وتنقص العلاقات بقدر ما يملك من مهارات فكلما زادت مهاراتك زادت حاجة الناس إليك وقلت حاجتك إلى الناس. والعكس صحيح. فالعلاقه قائمة على التعاون وتبادل المنافع فعندما دعا ذلك الرجل بقوله (اللهم لا تحيجني إلى أحد من خلقك) فقال الإمام أحمد ذلك رجل دعا على نفسه بالهلاك.