|

إدفع لِتُفضفض..!

الكاتب : الحدث 2023-01-21 12:57:13

 

بقلم - حنان محمد الثويني

قالت أُمي : في الماضي كان الجار يشتكي لجاره ، والأخ لأخيه ، والصديق لصديقه 
وكانت الجارات في الحاره يجتمعن في بيت إحداهن وكل واحدة تحضر معها صنفاً للإفطار 

يتبادلن الأحاديث ، ويشتكين الهموم والمسؤوليات والأبناء والأزواج والحياة 

يقضين الوقت في الإسترسال والفضفضه وتبادل الآراء والحلول ، فتعود الجارة إلى منزلها وقد أطلقت من قلبها 
تناهيد الألم وأخرجت من جوفها 
الإنطفاء والذبول والهواجس الدائمه 

الآن تغيرت الأحوال والأفكار 
فصار الناس يحثون بعضهم على الهرب من الحزين الشاكي وإغلاق 
سُبل التنفيس في وجهه،ومقته 
والتخلي عنه ليعيش الصراعات النفسية بينه وبين نفسه 
دامِعٌ في الظلام ..!

فيجد نفسه في خيارات عِده :
-إما أن يذهب للعيادات النفسية ليُفضفض إلى الطبيب النفسي الذي تقمص مهمة الجارات في الماضي (إستماع الجارةُ للجاره)
ويدفع مبالغٌ طائلة في كل جلسه

-وإما أن يعيش العزلة والوحدة ويُصارع أحزانه ويدفعُ إكتئابه بالدموع 

-وإما أن يؤثر فيه الكبت والحزن 
فيتحول إلى إنسانٌ ناقمٌ، حاقِدٌ،عدواني،عصبي ،كارِهٌ لكل شيء حوله .

أصبحنا نحمل قلوباً صلبةٌ للأسف 
وتحجرت مدامعنا،وتاهت نظراتنا 
وضاعت إنسانيتنا ، وتوحشت 
تعاملاتنا ، وقست رحمتنا 
إلا مارحم الله !!

نحن مسلمون وعرب وكل الشرائع التي نزلت حثت على التآزر والحنان والرحمة والود والتعاطف
لكننا اخترنا أن نصير إلى ماصار إليه الغرب 

إذ تفرقوا وتمزقوا وتاهوا في متاهات الحياة وتمرسوا العنف والجريمة والإضطهاد 
فاضطرت دولهم إلى إفتتاح مراكز للذين يمرون بأزمات وصدمات نفسيه ليتحلّقون 
ويبدأ أحدهم في الشكوى والتنفيس إلى من معه بنفس 
الأزمة والموقف ويدفعون لتلك المراكز الأموال الكثيرة 
برغم أنها مراكز لا تفكر إلا في المردود المادي البحت وتسعى لتوسيع دائرة الإنتشار 

وبدورنا كمسلمين استملحنا مشاريعهم الباردة، الميتة، التعيسه وأذهلتنا تطوراتهم الخاويه 
فقسونا على بعضنا ودفعنا بالحزين لئن يذهب إلى غير صديقه وغير قريبه ليدفع إليه بالمال ليستمع إلى فضفضته ..!!

ويتسائل الناس : 
-لماذا كثرت لدينا العيادات النفسيه والمراكز الإستشاريه ؟!
-لأننا لم نعد نستمع إلى بعضنا .