|

شماعة الليبرالية

2018-05-27 01:33:31

في القرن السابع عشر او مايسيمى بعصر التنوير في اوربا ولدت الليبرالية كحركة سياسة مستقلة وتعني (līberālis) اللاتينية وتعني “حر”، حتى اصبحت منتشرة بين الفلاسفة والاقتصاديين في العالم الغربي ، وقد اعترضت الليبرالية على افكار شائعة في ذلك الزمن كالمزايا الموروثة ، ويعتبر جون لوك المؤسس لليبرالية كفلسفة مستقلة تنص على ان للفرد حق طبيعي في الحياة ،الحرية، والملكية الخاصة، ووفقاً لنظرية العقد الاجتماعي ، التي اقترحها الفلاسفة توماس هوبز و جون لوك و جان جاك روسو و ايمانويل كانت،
ظهرت العديد من التيارات الفكرية التي تنادي بليبرالية اسلامية ، تدعو للتحرير من اراء علماء الدين والفصل بين ارئهم والتي تعتبر اجتهادات بشرية منها مايصيب ومنها ما يخطئ وبين الاسلام ذاته الذي يعتبر ديناً كاملا من غير نقصان ولا تقصير وان الاسلام جاء شاملا ويتمثل ذلك في القرآن الكريم ما هو الا حياة تمثلت في النبي محمد ﷺ ، ولا يحتاج إلى تعديل في أفكاره ، ويطالبون بعدم الاخذ بتفسيرات العلماء القدامى ، التي حال عليها عدة قرون ، وحيث يرون ان الاسلام بعد التنقية من التفسيرات والاراء فإنه سوف يضمن للفرد مايتعلق بحرية الرأي و حرية الاعتقاد ، ، ولكن يردون عليهم العلماء الكارهين لليبرالية بأن الليبرالية نشأت في مجتمع مقهور من قبل الكنيسة.
كنت السنة الماضية في “بريك” بين المحاظرات في كُليتي كلية الهندسة التطبيقية بالرياض ، حيث كنت انا وبعض من الزملاء نتناقش حول قضية فقهية اختلف عليها العلماء قبل مئات السنين ولكن المجتمع حدد حكمها في العرف ، فكان احد الاصدقاء لنسميه “سعد” ، فكنت اخوض معه في بحر النقاش الذي رفض ان ينتهي حاولت جاهدا لاقناعة بالدستور والمنطق ولكن بنيته العقلية التي تكونت من ركام مجمتمعي يقدس تقديم العرف على العقل ، يعيش بين ازدواجية الافعال و المبادئ الهشة ، فتجده انسان يعشق ويتلذذ بما يسميه منكرات في المساء ثم تجده في الصبيحة يوبخ ويقذف من يقوم بتلك الاعمال التي انتطوت مع شروق الشمس ،تقودك هذه الشخصية الى الانانية المتخفية ، ادعاءاته اشبه مايكون برجل خارج متغزلا وعاشقة لزوجته متسللا الى فراش زوجته الثانية في شقة خفية،
كان “سعد” ، يردد كثير : هل ترضاها لاهلك ، معتقدا في ذاته بان هذا هو سؤال الحسم والانتصار ، ضاننا بإن استسلامي سيضع كلامي السابق لا قيمة له اطلاقا ، كان يشك بانه سوف يدمر تلك الشخصية المنافقة التي تدعي المثالية والتنظير فقط ، وجه الي “سعد” هذا السؤال بنظرة ساخرة موبخة منتظرا مني تنهيدة الاستسلام ، فأجبته ببساطة :”ما أرضاه على أهلي يجب أن يكون قانوناً يطبق على كل الناس بل على العالم بأسره”، صمت قليلا لعله يجد مخرجا بعد ان كان في نظره هو الغالب وان المسألة ستحل بهذه السؤال القطعي لاي نقاش في نظره .
بعدما عم السكوت قليلا قال بفم مليئ بالحقد والكراهية “اساسا انت ليبرالي!” ، ابتسمت له وانهيت الحديث بمواضيع اخرى حتى لا يكون اختلاف الاراء مفسدا في الود قضية ، ولكن تسألت ماهذه الشماعة السهلة، والتلقيب ذو القوالب الجاهزة التي يتم وضع الناس بداخلها ، من اجل المساهمة للتخلص من اي فكرة دخيلة على هذا العقل الذي قد أصدأت اقفاله ، وضيعت مفاتيحة من اجل ان لا يتطور ولا يتقدم .
كم معنا امثال “سعد” نعيش معهم وتصطدم افكارهم بافكارنا ، ثم لا يجدون مهرب سوى وضعنا داخل هذه القوالب ، فهؤلا قد صنعوا لهم عالم وخيالا مفصولا عن العالم الحقيقي ، واغلقوا على انفسهم فيه ، ولم يكتفوا بل قررو حشر الاخرين فيه.