|

يا مَنْ تحت قدميها جنتي ،،

الكاتب : الحدث 2023-01-08 12:24:57

الطائف - البتول الزكري

مقالتي اليوم مميزة جداً ،، متفردة جدًا جدًا ،، وفارقة جدًا جدًا جدًا ،، اخترت مفرداتها بحب وعناية ،، وانتقيت أحرفها بكل دقة ودراية  ،، 
لأنني سـ أتكلم عن شخص لامثيل له في الوجود ،، ولا مثيل له بين البشر ،، لا يشبههم في قلوبهم ولا في اهتمامهم ولا عطفهم وحنانهم أو حتى دفء مشاعرهم ،، 
مهما كان في حياتنا أناس يصنعون الجمال ،، ووجودهم يشكل لنا السعادة بحد ذاتها لكن كمثل أمي فلا ،،
لذا أرفع القبعة لها ،، وأقف احتراماً لتلك الإنسانة العظيمة الحنونة ،، العطوفة الكريمة ،، والسخية الوفية ،، 
إنها أمي ياسادة ،، ماأجمل هذه الكلمة وماأجمل معانيها ! 
أمي ياجنتي واستقامة ظهري وأسعد أقداري ،، أمي ياتعويذة صباحي ومسائي ،،
يا فرحتي الدائمة التي تُذهب حُزني ،، وتضمد جرحي ،،
هي سندي بدعائها عندما يدنو أجلي ،، هي ورد بُستاني حين  تجف أرضي وتشح سماءي  ،، 
هي التي تقرأني حين تصمت أحرفي ،، هي من تغمرني بحبها وحنانها دون ملل أو كلل ،،
بين الحب والرحمة هناك أمي ،،
أنا شيء من أمي ،، وهي كل أشياءي ،،
أفنت شبابها لتربيتي ،، وكانت هي الأم والأب ،، وكانت لأبي العون والسند ،، فلولا الله ثم هي لما وصل أبي لما وصل إليه اليوم ،، 
نتعب وتتحمل ،، نمرض وتسهر ،، تعلّم وتُربي ،، تواجه مصاعب التربية بلا ملل ،، دون أن تشكي ،، 
يجف قلمي ولم أوفيها حقها ،،
لذا اعتذر عن تقصيري لمن بيدها كل مايسعدني ،، 
اعتذر لبسمة ثغري وبهجة حياتي وكل شيء يحويني ،، 
اعتذر عن كل خطأ بدر تجاهك دون قصدٍ مني ،،
اعتذر عن ابتعادي وانشغالي ،، 
اعتذر واعتذر لكِ ياأمي وتاج رأسي ،، 
تحملتني وقت مرضي ،، ووقت تعبي ،، ووقت تألمي ،، 
سهرتِ على راحتي كي أنام قريرة العين هانئة ،،  
تحملتِ قسوة كلماتي ،، وفظاظة أسلوبي ،، 
تحملتِ ضغوطات الحياة وتحدياتها كي تتعهديني أنا وأخواتي بالتربية والرعاية ،، 
يغالبكِ النعاس وتقاومين كي ندرس ونجتهد ،، 
يطيب لك السهاد كي ترين ثمرة صبرك و كفاحك ،، 
لولاكِ أنتِ وأبي بعد الله لما وصلنا لما وصلنا إليه الآن ،،
أحبــك ياأمي وأحب صوتك الدافيء ،، أحب ضحكاتك ،، وعتابك وتوبيخك ،، بل أحب كل تفاصيلك ،، 
لن أنسى ذات يوم كنتُ نائمة ، واستيقظت فجأة على همس مناجاتك وابتهالاتك لله بالدعوات ،، ودموعك تنساب على وجنتيك ،، وصوتك الحزين يطلب ويرتجي المولى جل وعلا كي يبعد عني وعن أخوتي كل سوء ،، 
لازال صوتك يرن في مسامعي وأنا أتأمل حزن عينيك ،، لازلت أشعر بحرقة تلك الدموع وهي تحفر أخاديدها في قلبي قبل وجنتيك فتزيدني آلاما فوق آلامي ،، 
أمي وحبيبتي اعتذر واعتذر بشدة عن كل شيء ،، 

في قلبك حب ،، تحت قدميك جنة ،، وبين أكفك دعاء ،، "أمي"وكفى بذلك نعيمًا ،، 

لن أنسى ذات يوم حينما اجتمع الأطباء فوق رأسك وهم يرددون بصوت واحد: القلب توقف ! 
كنتِ أمام عيني على قارعة الطريق وحافة الموت ،، 
أصابني ذهول من هول الموقف ،، تحجرت الدموع في عيني ،، اعتصر الألم قلبي ،، 
تمنيت لو استطيع أن أمنحك ياأمي من عمري عمراً ليطول من عمرك وتعيشين وتحيين ،،
تمنيت أن أعطيك مالدي من صحة وعافية لتشعرين بالراحة والسكون  ،، 
يالها من لحظة مرعبة ،، أمي سـ تُفارق الحياة وسيفارق معها كل شيء ،، ذكريات طفولتي ،، أجمل لحظاتي عمري ،،
لكن حمدتُ الله خالقي ،، وشكرته على نعمائه بـ أن عافاها الله في جسدها و رد إليها روحها ،، فلك الحمد والشكر ياالله ،، لك الحمد على ماأنعمت به علي من نعم لاتعد ولاتحصى ،،  

وفي الختام : 

أمي،، وإن جف قلمي ونفذ حبري لن أوفيك حقك ،،
أمي ،، هذا غيضٌ من فيض مشاعري تجاهك ،، 
اسأل الله العلي القدير أن يُطيل في عمرك ،، ويحفظك لي ويرزقني برك ماحييت أبدًا ،، 

أمي ،، ما دمت أنتِ باقية،، راضية ،، فليذهب كُل شيء ،،