|

﴿ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ﴾

الكاتب : الحدث 2023-01-05 04:35:32

الطائف - البتول الزكري

إن الإنسان الطبيعي سليم الفطرة ومتزن الشخصية ومعتدل النفسية يتمنى الخير لغيره كما يتمناه لذاته ،، ويعلم في قرارة نفسه أن سعادة الآخرين لن تؤخذ من سعادته ،، وغناهم لن ينقص من رزقه ،، وصحتهم لن تسلبه عافيته ،،

ومن الطبيعي أن الإنسان يمر في حياته بـ فترات عصيبة ومواقف شائكة ،، وأزمات مريرة ،، هذه هي سنة الحياة ،،

ولكن من غير الطبيعي أن تشتد المواقف وتتفاقم الأمور وتخرج عن نطاق السيطرة ، ونجدها طغت وطفت لأسباب مجهولة ، لايُعرَفْ لها مصدر أو مسبّب ،، تصل إلى الذروة وتطال الخسائر الجسد والنفس والروح ،، ونحن لازلنا في حيرة وذهول ،،

وكثيرًا مانسمع في الآونة الأخيرة أن مسببات تلك الأمور التي تقع بلا سبب هي العين أو الحسد أو قد تصل إلى السحر ،،

العين التي قد ترمي بسهامها فتؤذي وتضر تسحق وتدمر لأنها قد تكون عين معجبة من غير قصد ،، كالأم التي أصابت بعينها المعجبة جمال ابنتها وأودت بحياتها البريئة بلا ذنب ،،

أما الحسد فهو فعل الحسد نفسه الذي يؤديه الحاسد من كل قلبه قاصدًا مع سبق الإصرار والترصد لزوال النعمة عن محسوده ،، ويفرح بذلك فرحًا عظيمًا ،،

 لهذه الفئة من الناس أقول : اتقوا الله وخافوه،،

لما تحسدون غيركم على فضل آتاهم ،، أو رزق ساقه الله لهم ،، أو جمال أنعم الله به عليهم ،، أو توفيق منحهم الله إياهم ؟؟ ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَالنَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ،،

لما الانشغال بالآخرين ،، لما الإصرار على التدخل فيما لايعنيكم ؟ لما التحليق في آفاق الآخرين ؟ لما المقارنات والدخول في متاهات الانهمام بالغير التي لانهايه لها،، ألم تعلمون أن الانشغال بحياة الغير : استنزاف ،، وتعاسة ،، وانعدام جدوى ؟رأيت فلان يسافر وأنا لم أسافر !! أكرم الله فلان بالوظيفة وانا لم أجد وظيفة !!

لطالما آمنتُ أن أفضل انشغال ينشغل به الإنسان هو الانشغال بالذات وسبر أغوارها ،، والعناية بها ،، صقل مواهبها ،، تصحيح أخطائها ،، تنمية ثقافتها عبر التدبير والهداية والفضيلة ،، الثقة بقدراتها والارتقاء والسمو بها وذلك من أجمل سمات الرقي ، فلا يعنيها تتبع الآخرين وما قالوا وماصنعوا !!

فالعمل بالأسباب والتوكل على الخالق والسعي في الأرض طلباً للرزق بترفق وصبر بلا طمع وجشع وتعجل ،، ﴿ فإنَّ كلًّا ميسَّرٌ لما خُلِق له ،، وتمنى الخير للغير ،، و كف النظر للآخرين بنظرة الحاسد المتمني زوال النعمة عنهم ﴿ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ،، كل ذلك سيجعلك تتقدم وتحرز ماأحرزه غيرك بل وربما ستتفوقعليهم ،،

أما السحر وما أدراك ماالسحر؟ 

قال الله تعالى في كتابه العظيم :﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَوَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَاشَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾.

أتعجبُ حقيقةً من فئة من البشر ،، بل هم ليسو بـ بشر وإنما مجرمين سولت لهم أنفسهم المشتعلة بفتيل الحسد وشقوا طريق الكفر في سبيل أذية الناس ،،

يامن عميت أبصارهم ،، وماتت ضمائرهم ،، وباعوا دينهم بثمن بخس: ألم تعلمون أن تعلم السحر وتعليمه وممارسته حرام !

ألم تعلمون أن السحر من الكبائر ويعتبر شرك وكفر عظيم !

يامن ميزكم الله بالعقل عن سائر المخلوقات : أتكفرون بالله وتخسرون دينكم ودنياكم وأخراكم لأجل التفريق بين زوجين أحبا بعضهما البعض؟

ألا تخافون من دعوة مسحور قُهِرَ في نفسه وصاحبه وأبناءه وكل حياته؟

ألا تخافون في ظلمة الليل ووقت السحر يدعو عليكم المسحور المظلوم المقهور رافع يديه يلهج لسانه بقول: "ربي أرني عجائب قدرتك "،،

ألا تعلمون أنه ينتظركم رجز أليم وعذاب مقيم ،،

ألا تخافون من نار الجحيم ،، تلظى ،، تستعر ،، تلتهم أرواحكم قبل أجسادكم ،، تلفح وجوهكم وأنتم فيها كالحون ،،

يامن تمشون بين الناس بالسحر والأذية ليس لديكم من الوقت الكثير ،، سارعوا إلى مغفرة ،، سارعوا إلى توبة نصوحة ،، تعجلوا ولاتتمهلوا في طلب العفو والصفح ،، عودوا إلى الله قبل فوات الأوان ،، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ،،

رسالتي لك أيها الظالم:

تأكد بأن الله يراك ويسمعك ،، ولن ينسى سؤ عملك وسيؤتيك من الغيب أمرّه وأسوأه ،،

وتذكر قول الله تعالى ﴿ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ، وإن لم تستعجلك عاقبة ظلمك في الدنيا، فأقرأ ما أعدّه الله لك في الآخرة ،،

يا ساكن الدنيا أمنت زوالها ولقد ترى الأيام دائرة الرحى ،، كم ستعيش في هذه الدنيا ،، سنين عجاف ،، أعوام طوال ،، ثم ماذا ؟؟

﴿ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ ،،

تذكر أن "دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب" ، فـ يالهول حسرتك ويـ لعظم خسارتك التي لابعدها من خسارة إذا انتهى المطاف بتلكالدعوات إلى قيوم السموات والأرض ،، حينها ستتذكر ظلمك وطغيانك وإن تجلى ندمك وحسرتك فلا ينفع حينها لأن الأمر انقضى وجفتالأقلام و رفعت الصحف ،،