|

مسرحية مجتمع

2018-07-03 01:01:27

في احدى المرات نشر احد الأصدقاء منشوراً على صفحته الخاصة في موقع الفيس بوك ، حيث ان المنشور كان يحتوى على اغنية للسيدة ام كلثوم-رحمها الله- “أغدا القاك”، بعد ذلك قمت بالإعجاب لذلك المنشور ومعلقاً في وصف تلك الموسيقى الرائعة وما قام به الشاعر السوداني الهادي آدم -رحمه الله- من وصف شاعري قد فاق الخيال ، وكيف ادتها السيدة ام كلثوم بوصف غنائي لكل كوبليه بمقام يليق بحاله الوصفية .
عدت الساعات لاعود من جديد الى الفيس بوك وابحث في الاشعارات الخاصة بي ، لاتفاجأ بردود من احد الاصدقاء الاخرين ، اصدق ماتقال بأنها اشبه بسيف مسموم ، فقد كان يوبخ صاحب المنشور ، وكم هي الأثام التي ستتراكم على عاتقه مع كل من سيفتح تلك الاغنية ، و وصفي و وصفه بمن ينشرون الاثام ويرغبونها للاخرين ، ومن ثم بدأ في سرد الادلة القرآنية والاحاديث اللتي لا اعلم ما ارتباطها بمنشور موسيقى ادبية راقية ، اختتم تعليقه بشتائم و عواقب لا يحمد عقباها ستحل علينا ان لم نتب عن ما اقترفناه .
على الرغم من كلامه قد انبني قليلا ، لكن مقاومتي لمبادئي كانت اقوى ، فترفعت عن الرد عليه ، حتى لا تكون هناك اي نوع من التحسس او ماقد يصل الى حد العداوة ، فصديقي مكبلٌ بقيود من بقايا الصحوة سيعجز ردي او رد غيري على فكها بل قد سيزيدها تشبثا به ، سيسميني بتصنايف عدة لانني امتنعت ان اشابهه ، يعشق صديقي من يشاركه منظومته من العادات والتقاليد حتى وان كانت لا تمس للصواب باي شكل من الأشكال .
دارت الايام والشهور حتى اني لا اخفيكم اوشكت على ان انسى الموضوع بأكمله ، الى اني ذات ليلة قبيل النوم ، اخذت الهاتف لاشاهد مالجديد في مواقع التواصل الاجتماعي ، لاجد صديقي الذي وبخنا تلك الليلة الماضية ، بحساب اخر في موقع اخر لم اكد اعرفه الا برقم هاتفه ، ومن ثم دخلت الى حسابه لاجد الكم الهائل من الحسابات الاباحية التي قد سجل اعجابه بها ، والردود العسلية للفتيات الحسناوات في ذلك الموقع الاجتماعي ،وغيرها الكثير من الافعال التي لا يستحسن ذكرها هنا .
شفقت كثيرا عليى صديقي ، وما يعانيه من ازدواجية في شخصيته ، والصراعات النفسية التي بداخله، تمنيت لو انتصر ذلك الصديق على ذاته وخرج على ماهو مألوف عنده ، وكسر تلك الاقنعة التي يتسبدلها كل ماتبدل حاله مع كل زمان ومكان، والمصيبة ان تلك الأقنعة اشبه بالفقاعات الساخنة التي رغم وصولها لدرجة الغليان الا انها تتلاشى في مهدها بسبب افتقادها للمبادئ والثقة .
ازدواجية صديقي لم تتوقف الى هذا الحد بل تستمر الى خلط الامور بعضها ببعض، وإلباس المواقف برداء الدين ليس لقناعته بل لإبراء نفسه ، كما لو ان بداخلة محكمة دائمة مع نفسة او محيطه الضيق ، على الرغم من ان الله عز وجل اتاح لنا حياة تستحق الانتاج والاستمتاع والحب والتسامح والعطاء ، والنفس البشرية لاتحتمل هذا التناقض بل ان عقل الانسان من خصائصه انه يحقق التوازن في مجريات امور الحياة من اتجاهات وقرارات ، وعلى الرغم من ان العقول ترفض التناقض الا انها تستجيب لنظرية القطيع التي تنبذ من يخرج خارج دائرة التبعية ، رغم المعرفة التامة بالاخطاء الحاصلة والتي تتكرر كل حين ، الا انها مازالت تحظى بقبول عام ، اصبح المجتمع يتقبل هذه المعضله ،ويحترم منفذيها ، ،لان الاتفاق العام قد حولها الى عرف ، فالكل يقدره خارجيا على الاقل