|

التُّراث ، بين سٍندانٍ التهميشِ ومِطرقةِ الحداثة.

الكاتب : الحدث 2022-11-02 08:07:27

 

الشاعر د ناصر الدسوقي

 في البدايةِ يجبُ التعريفَ بمعنى التراث  .
إنَّ التراثَ معنىً شامل لكلِّ ما
 هو موروثٌ مِن الثقافاتِ ،مِن القِيمٍ والتقاليد  ،
ومِن تراثٍ مٌعماريٍّ يُمثِّلُ تاريخَ وثقافةِ المُجتمع  ،
ويُعتَبرُ هو الصِلةُ الماديةُ والمعنويةُ التي تربِطُ المُعاصرينَ بأسلافِهم  ،
ويعتبر تجسيدًا لقيمٍ ثقافيةٍ وحضاريةٍ  ،ويَعكسُ البِنيةَ الإقتصاديةَ والإجتماعيةَ التي عاشها الأجداد  ،
فالتعديلُ في التراثِ بحُجةِ مواكبةِ الحداثةِ وتطوراتِ العَصْرِ لا يَعنِي مُطلقّا تَرْكَ القِيَمِ وإهدارِ المفاهيمِ التُراثية  ،
وإنما هو خروجٌ للأفكارِ الجديدةِ ومفاهيمَ أخرى مِن واقع حياتنا اليومية ،
ولا يَعني ذلك استبعادَ الخِبرة ،
فالأفكارِ القديمةِ يُمكنُ أَنْ تكُونَ مَصدرًا لأفكارٍ جديدةٍ وحديثةٍ تُفيدُ في المستقبل ومِن ثَمَّ المُجتمع  ،
فقد كان المَيلُ لتعريفِ التراثِ بأنه الممتلكاتُ أو المعالمَ الفريدة والمباني
مِثلَ أماكنِ العِبادةِ والحُصونِ والقِلاع  ،
أما اليوم فقد اختلفَ تعريف التراثِ ليشملَ المراكز الحضريةَ والمناظرَ الجديدةَ  ،
وكل هذا يزيدُ في كَمِّ التحديات ِ والتهديدات ِ التي يُمكنُ أنْ يكون َ لها تأثيرًا سلبيٌّا علي الأماكنِ التُراثيةِ  وما تتعرضُ له بسببِ التطور الحداثيٌِ .
فالحداثةُ ليست في تركِ منزلِ الأَبِ أو الجَدٌِ والبحثِ عن منزلٍ ومَسكَنٍ غيرُه ،
ولكن في إعادةِ تجديدهِ حسبَ  أنماطِ البناءِ الحديثةِ مع الإحتفاظِ بالتراثِ والهُوية ،
حتي التراثِ الثقافيٌْ تبدلَ به الحال وأوشكنا أنْ ننسى تُراثنا في الفنٌٍ والمسرح والأغنية ،
الحداثةُ في مواكبةِ العصرِ حسبَ ما يتماشَى مع موروثي وتقاليدي لا أن أتماشى أنا معه وأهدِمَ القديم نهائيٌّا  ،
فلقد جعلنا التهميشَ لتراثنا هو السندانُ الذي تطرُقُ عليهِ مِطرقةُ الحداثة .
وإذا واصلنا المسيرَ في هذا الإتجاهِ المرسوم 
سوف نفقد موروثنا وتراثنا
ومَن ليس له ماضٍ ، فلن يكونَ له حاضرًا
وحتمًا لن يكونَ له تاريخ .