|

هذا الوقت سيمضي

هذا الوقت سيمضي
2018-09-01 03:02:57

حدثني ذات يوم أحد أصدقائي عن قصة حدثت قديماً مضمونها يقول : “طلب أحد الملوك من وزيره الحكيم أن يصنع له خاتماً ثم يكتب عليه عبارةً إن رأها وهو حزين يفرح ، وإن رأها وهو  سعيد يحزن ، فصنع الوزير له الخاتم وكتب عليه :
“هذا الوقت سيمضي” نعم سيمضي عاجلاً أم آجلاً
فمن هذه العبارة التي كتبها ذلك الحكيم الرائع وقبل بداية عام دراسي ببضع ساعات ، إليك أيها الطالب ، إليك أيها المعلم
أنتما محور العملية التربوية ، أنتما أمل الأمة ، أنتما مستقبلها وحاضرها كما أسلف من كان قبلكم فإن وجدتما ما يحزنكم خلال عامكم هذا ، فلا تطيلا التحسر عليه ، ولا تقفا عنده طويلاً ، بل تذكرا عبارة ذلك الحكيم أنّ هذا الوقت سيمضي ، قاتلا من أجل تحقيق أهدافكم ، من أجل تحقيق انجاز غير مسبوق ، وتجاوزا تلك المرحلة ؛ فلا بُد لليل أن ينجلي ولا بُد للقيد أن ينكسر ، وتذكر عزيزي المعلم ، وعزيزي الطالب ، أن الأيام دول كما وصفها الله سبحانه وتعال في كتابه الحكيم (وتلك الأيام نداولها بين الناس).
ولا يطيب المقام دائما دون التطرق لقائد العملية التربوية الأول ومحورها ، الذي يديرها بالقول والعمل الدؤوب لا بالحبر على الورق ، ذلك المعلم المغترب الذي ودع في هذه الليلة أهله حاملاً حقائبه نحو مقر عمله الذي يبعد مئات الكيلومترات ، بل قد يصل إلى الألف والألفين ، ترافقه متاعب الحياة القديمة ، من فراق الأهل والأصحاب ، ومشقة السفر وعناء التنقل بين الشقق ، وفي المقابل ينتظره الكثير من العمل في سبيل تحقيق ما تصبو إليه الأمة من إخراج جيل متعلم متزن ، وبين هذا وذاك ينتظره مديرٌ على قدر كبير من الأخلاق والرقي ، ولكنه يحب أن يستخدم فعل الأمر كثيراً، مجزوما بالأنظمة والقوانين ، يحب النصب على الاختصاص ويكره التسويف ، لا يعرف للسفر طريقاً إلا من رحم ربي، في قاموسه العذر “نكرة ” يجب تعريفه على حسب مايراه هو ؛ لا ما تقتضيه المواقف ، لذلك أقول لك أيها المعلم العزيز هذا الوقت سيمضي فصبراً جميلاً.
أما أنت عزيزي الطالب فلقد أجابك قبلي الإمام الشافعي -رحمه الله- ببيت من الشعر في غاية الروعة والجمال
اصبر على مرّ الجفا من معلم ،،، فإن رسوب العلم في نفراته
ومن لم يذق مرّ التعلم ساعة ،،، تجرع ذلَّ الجهل طول حياته
ومن فاته التعليم في شبابه ،،، فكبر عليه أربعاً لوفاته
وخذ من قول أبي القاسم الشابي عزيمة واصراراً وتحدياً فقد قال :
ومن يتهيب صعود الجبال ،،، يعيش أبد الدهر بين الحفر
واكتب على حقيبتك بقلمك الرائع “هذا الوقت سيمضي”.