(نار البدوي )
ما أجمل البدو ، وحياة البدو وقوة البدو وفطرة البدو . والله أن كل متعلق بالبدو جميل وقوي.
أمام عيني ما تعشقه ، النار من حطب السمر لها سحر خاص ، وأباريق الشاي والقهوة تتربع على عرشها المسود أسفله كأجمل صبغة أزلية يهديها اللهب الذهبي لأسياده .
التفاف الناس حول هذا الوحي عبر السنين الطويلة وهي تشتعل ب قصص من الأفئدة عبر اللسان ، ذلك الراوي الذي لا يجف مخزونه ، والأيدي ممتدة طالبة الدفء والنور ، جنبا إلى جنب تؤدي مراسيم عبادة ، وراحة الكف تنفرج ببطء لتستمتع إلى سيمفونية النار الراقصة ،حيث رموز الإنسان وأسراره تلوح بالأفق ترقبها العيون الضالة عن المجهول ، عندما يتصاعد الدخان مختلطًا بأنفاس الشيوخ الذي يجود ليعطي بعض من خفايا السر الكوني ، كحكم تلتصق بذاكرته لتعينه وتسعفه وقت حاجته ، النار التي لا غنى عنها هي حياة البدوي ، مصدر إلهامه ، رزقه ، كرمه ، عنوانه .
الألوان تمتزج داخلها عاكسة لون السماء ليلا ، ولون البياض عندما ينسلخ الجمر من ثوبه، وتكتحل الرمال تحتها ، لتآزر الحزن الذي تخلفه النار وتلفح به وجوه كل من اقترن بها .وتقويه ويشد بها أزره ،
النار تلك القوة الهازمة لسباع الأرض بنظرة منها ، البعيدة السرعة لتعانق الرياح إذا مرت بها فتنحرها . في شررها عنفوان وجبروت لا يستهان به ، فقانون الأرض يحتم على الآدمي أن يتوق لها فلا القصور وحياة البذخ والترف التي اعتادها العربي تجذبه كشفرة النار .
ولا يشغله أي خطب مهما عظم حتى لو أهلكت أغلى ما يملك ، النار كل ما يولد منها لا غنى عنه ، كما هي الأم الدفء والحنان ، مرايا يرى فيها ملامحه . البدوي الذي لا يستكين روحه وتنزل الطمأنة جسده ، إلا وهو يحتضنها بداره . يدعو الله أن يحرمه منها في الآخرة .
بقلم مها النصار 🌴