|

زمن أبي الطيب

2018-10-11 02:41:54

الطيبون أمثال أبي الطيب الذي يسكن حي الطيبين يدخل الأماكن بحذاءين أحدهما أزرق مقاس 9 والآخر أخضر مقاس 10 ، يدخل الأماكن وهو يرى الناس يجلسون على الكراسي بينما هو لاتعجبه جلسة الكراسي فيجلس على الأرض في مدخل الداخلين أو أقرب ، أبو الطيب دائما ما يتعرض لمواقف لايلقي لها بالا ولايشعر بالحرج كاصطدام الداخلين به كونه لم يحسب حسابهم فليس لديه مايخسره أو يجعله يتأفف،بل ربما قد يتعرض للإيذاء بسقوط أحد المستعجلين على الأرض نتيجة الاصطدام به فتأخذ الأرض شيئا من رائحة عطره ، قيل له وهو يتردد على جدران وممرات أنيقة اختر أحد الكراسي حتى ترتاح وتريح الآخرين لكنه يؤثر الجلوس على الأرض ويكثر من الضحك حتى تبدو سنّان معه في الفك السفلي ويقول لهم : على الأرض أشعر بالراحة ، يتركونه على راحته فقد عجزوا كي يقنعوه ليكون مثلهم ، أبو الطيب لاينسى في كل مرة من أن يأخذ معه عصاه الطويلة التي يسحبها سحبا ولايتوكأ عليها فهو يعرف نظرات الناس وقولهم إنه عجوز عاجز ، وفي طريقه يمارس عادة المزاح فيسحب بعصاه آخرين ،أو يضرب بها برفق على رؤوس الصغار ،أما الكبار مثله فينبري لهم متحديا أي واحد يقدر على منازلته ، في السوق تراه يشتري بضاعته ويحملها على ظهر عصاه ويصدر صوتا للتنبيه على مرتادي الطريق وهم يضحكون منه وعليه ، الطرقات منه تضحك ، والسوق سعيد به ، غاب يوما عن المشهد الجميل ، الطيبون في الحي استنكروه فهو لا يقطعهم ، وغيابه يحدث خللا في طعم اللقاء، ذهبوا إليه ليستطلعوا الأمر ، وجدوا فردتي الحذاء والعصا ولم يجدوه ، عادوا للسوق وللأزقة ينعون أبا الطيب ، أخذوا معهم عصاه وحذاءه نحو الأرض التي كان يفترشها ، وضعوهما في المدخل، انتشر الخبر ، جعلوا من أرض الافتراش مقاعد ، الحي الطيب أقام مأتما ، باتت الأزقة حزينة .