قسوة الماضي وسِعة الحاضر
بقلم /حنان محمد الثويني
في أطوار الحياة جيل يقطع وآخرٌ يرِث !!
وفي أجيالنا الماضيه سادت الكثير من الأفكار والأخلاق والأساليب الجيده والسيئه ،وأمست أحكامٌ وأعرافٌ وعادات وتقاليد ...
لايخرُج عن جادتها إلا مُصادِمٌ ومُعاند وقد يقال عنهُ( فاجر)
في الماضي كان الرجل وليس كل الرجال ..يأوون للنومِ باكراً للكد والشقاء وتحصيل لُقمة العيش والقتال الضاري مع الفقر والجوع
وفي الصباح إستعداد جاد لمزاولة المهام وآداء الأعمال على أكمل وجه
لكن المسأله خاليةً من التعامل السليم تجاه الاُسرةِ والمرأة والطفل !
برغم أن رجل الماضي على دراية بعلوم الفقه وتفسير القرآن والدين بشكلٍ عام إلا أنه رجلٌ سمِع بالدين وحفِظه و أوصد دونه باب الخِزانه وعند المناقشات وأحكام الشرائع وإحتدام الآراء يُنظِّر بالكثير من العرائض !!
تجده رث ومُبهذل لا يُعير لمظهره الخارجي نظافةً ملحوظه ولا إهتمام كامل.. لكن .. ربما يكون ذلك بسبب عدم توفر المستحضرات بطُرقٍ سهلة المتناول !
ورجل الماضي حادٌ وسليط وجاف التعامل وهمجي الأسلوب وشكيك في أخلاق الآخرين ونواياهم وتودي به الهواجس إلى أن أفراد أسرته لايلتفتون يميناً وشمالاً إلا ليبحثوا عن بؤر فساد ليتوجهوا إليها،وقاتلٌ للحماس والطموح ومُثبِطٌ للمعنويات، وفظٌ وغليظ ومُتناقض الطبيعه،ومُحبّاً وفيا لقصص الخيال والخُرافة والأساطير القديمه وجاداً في أن يورِّثُها لأبناءه لأنه يرى فيها القوه والتسلط ومعاني الرجوله !
يُعامل الزوجة وكأنها (بهيمه) وإذا دخل المنزل يناديها بألفاظ الإحتقار والتنقيص ولا يُراعي مشاعرها ولا يرحم جهدُها ولا يثني على آداءها ولا يُسمِّح خاطرها وكأنها قطعةً من الحائط قائمه!
يُحب الزواج والتعدد وفي حال حصوله على زوجةً جديده ينسف حقوق الأولى ويُشتت أطفاله ويتخلى عن مسؤولياته حتى يُذلّهم الفقر والحاجه وسؤال الناس ..
فينمون مشتتون، ناقمون ومتذمرون ،كارّون وفارّون بين عقبات الحياة..
بعضهم له وثائق تُثبت وجوده وآخرون لايجدون أبسط الحقوق وأدناها..
ورجل الماضي لايُقيم للمناقشات الصريحة البناءه وزناً، ولا يحلّ ويربط، ولا يهب لأبناءه فرص النجاح، ولا يدعم التعليم والثقافه..ويُكثف جهده في الأمر والنهي والتنفيذ ومُقصٍ للتشاور وحرية الإختيار
ولنا في الفتيات اللآتي تزوجن رغماً عنهن بشيوخ دون مُشاورةٍ ذِكرى !!
رجل الماضي يهجرُ زوجته بالأشهر والسنين وإذا لجأت للأب أعادها رغماً عنها والخال يُعيدها بإقناع ضعيف الحيله،والعم لايختلف عن الآنفيين
والقضاء يُحيلها لبيت الطاعه وفي حالات الفسخ أو الخُلع تبقى لأعوام مابين صدٌ ومدّ وأخذٌ وردّ إلى ينقضي عُمرها من القهرِ والحسرة فتذبل !
الرجل في الماضي عدوٌ لكلمة المرأه ولرأيها وقرارها وغايتها وأهدافها ويكره المرأة القادره إذ تُخيفه ..
وفي كل دائره تلجأ إليها المرأه تشكو ظلم الرجل وصلافته تجد رجل آخر يصُدها وينهرها ويتجاهل دمعها الهاطل،بدءاً من الأب إلى رجُل الشُرطة والقضاء فتعود ذليله تجُر أغلال اليأس والإحباط،فتستسلم لحياة الألم الممتد وتخضع راغمه..
إلا أنها أكثر صلابة في ذاك الزمن قادرة على الكفاح ومُتحمِلةلأعتى درجات الظُلمِ والألم وتنافح عن بيتها وأبنائها وصابرة إذتؤدي دور المرأة والرجل في ذات الوقت..
وفي جيل الحاضر :
جيل العلم والإطلاع والتطور والإختراع والحضارةُ المتقدمه
أصبح للمرأةِ صوتٌ مدوٍ لا يُعيده الصدى.. صوت يلبيه الرجل الحديث ويفسحُ المجال لها للمشاركة وإبداء الفكرةِ والرأي ونيل الحقوق ..
رجل الحاضر رجُلٌ متعلم متفهم منفتحٌ ومرن نوعاً ما
يُراعي إحتياجاتها ويستمع لآراءها وقائم بمهامه ومسؤولياته المطلوبه تجاهها وتجاه أطفاله ويملك السعة في الفِكر لتحديد ماله وماعليه من الأهداف ومُعتنً جداً بجانب التعاطي الأخلاقي والتعامل المجتمعي والأُسري
يولي لمظهرِه اللُطف والأناقه،واللباقة في الحديث والمعشر ..
أما جانبه الديني فهو بسيط لايرتقي لمستوى رجال الماضي ، ويتمتع بقليل من الطراوةِ واللين إلا أنه يحترم المرأه ويُدافع عنها في بعض المواقع والقضايا ويعرف جيداً معنى ( أن يكون لها قرار ومكانه ورأي )
رجل الحاضر يمنح المرأة أبواباً واسعه للحوار ومُستمعٌ جيدٌ لأبناءه
ومُهتم بدرجة عاليه في مواضيع الحقوق الممنوحة لأبناءه من نواحٍ عِده ك وثائق الإثبات ومسالك التعليم والأحقية في العلاج وغيرها من الحقوق
وإذا فارق فإنه يُفارق وهو دافِعٌ للنفقة المادية ومُراعٍ للجوانب المعنويه ،ومؤدٍ متواضع للواجبات المفروضه ..
في رجل الحاضر وجدت المرأة الكثير من الأحترام لأنسانيتها و نالت الكثير من حقوقها، وأنصفتها قرارات الدولة وأحكام القضاء ورجل الأمن والمجتمع وأخذ الغالب يتسابقون على راحتها..
وبرغم أن لعِلمِها وثقافتها ووعيها دوراً في بناء شخصيتها إلا أنها إتكأت في بعض المهام المنوطةِ بها كإمرأه (زوجه)على الغير و(الخادمه)لتربية أبنائها والنظر في شؤون بيتها (وليس كل النساء)!
وربما أن لِإلتفاتاتها إلى الوراء الدارج ، والنظر في حال المرأة في الماضي وخوفها أن تعيش ذاك الوضع البئيس سبباً لئن نراها تتسابق في أروقة القضاء لطلب الطلاق بأقل درجات الإختلاف وأتفه مسببات الأحداث وتأييد الأصوات التي تشيطن الرجل وتجعل منه الأبليس الأكبر !!
ولا أعلم هل السبب هو :
الخوف من قسوة الماضي ؟!!
أما أبناء الماضي فكان للنُضج دورٌ بارز في أن يُعتمد عليهم رغم صغرهم وضعفهم وذلك بإختلافهم عن جيل الحاضر الذي يميل إلى الدلال والإتكالية في ظروفه على الوالدين ..
أجل ..!
جيلٌ طريّ لكنه جيلٌ جميل يُعطي للحياة لونٌ ومعنى،ويسمح للسعاده أن تطرُق الأبواب والنوافذ ومُتمكن من التوفيق فيما بين مرونته و واجباته !!
السؤال : هل قسوة الحياة تُلقي بتبعاتها على سلوك الرجال في الماضي؟؟