|

صراع الحرية- 1

الكاتب : الحدث 2022-06-07 12:35:09

 

 لم تمض فترة طويلة على رؤية نظام العالم الجديد، الذي اتسم بالغموض في الوضوح والوضوح في الغموض، والتناقضات والاختلاف عن السائد، والاهتمام بالتافه وتتفيه المهم، إلى آخر المتناقض والمجهول.

 غير أن أول ما فهم منه لدى العامة والخاصة (الحرية)، هذه الحرية التي كنا ننشدها ونحلم بها (حلم يقظة) ونتمناها؛ حسب ما نسجناه من خيال وأوهام وما كنا نسمعه ونقرأه في الروايات والقصص الغربية والشرقية والمحلية، وما كان يشاع عنها وعن الديمقراطية والليبرالية، وما كنا نقرأه في مجلة العربي وقافلة الزيت وصحف مصر ولبنان.
 فكان من يسافر منا للغرب أول ما يصاب بالصدمة الحضارية التي تجعله على مستوى عال من البَلَه والدّهشة، فتختلط عنده المرئيات والمحسوسات وتترجمها السلوكيات الرعناء والعشوائية، وأحيانًا الغائبة عن القانون والوعي والإدراك، فيصطدم بالقوانين الصارمة التي تُقِيم سلوكه إن أطال في إقامته هناك، ومصيره الانضباط سواء كان راغماً أو أرغم، وان عاد فإنه يعود مشوه النظرة والنظر والرؤى والفكر أيضا، فيتخلى عن مالا يجب عليه التخلي عنه، ويحدث في العادات والتقاليد ما يتلاءم معها وما قد يكون مخالفًا وشاذ أحيانًا ، فيختلط لديه الحابل بالنابل.

كانت أعداد المسافرين قليلة حتى وإن كثرت مؤخراً، والقيم والوازع الديني والأعراف قوية، والنظام العالمي حينها والحداثة لم تزعزع الفكر الديني السائد؛ سواء لديهم في الغرب أو لدينا نحن في الشرق (رغم فصل الدين عن الدولة وإهمال دور الكنيسة (بعد ثورة مارتن لوثر).
 وهذا ما حدث عند بزوغ فجر الحرية من النظام العالمي الجديد حتى من الغرب أنفسهم، فأصبح الجميع في ذهول واختلطت المفاهيم والقيم والتقاليد والعادات،
 أردنا أن نسايرهم فما استطعنا، وأصبحنا كغراب أعجبته حمامة في سيرها، فضاع لأنه لم يمشي مثلها وفقد مشيته التي كان يمشيها، فأصبح مجالاً للشماتة والسخرية ومثلاً للناس، نريد حريتهم تلك بقوانينها لكنهم هم أيضًا فقدوها ولم تعد لهم، ونحن ضاع منا القدوة (الحرية التي كنا نحلم بها عندهم ونريد تقليدهم) ، ومع النظام الجديد فنحن وهم حائرون، فماذا عسانا أن نفعل؟؟.

 عبد الرحمن عون.