|

واثق الخطوة يمشي ملكًا

الكاتب : الحدث 2022-05-24 11:08:16

 

عندما تثق بنفسك أولًا فاحتمال ثقة الناس بك سيكون كبيرًا، ولكن عندما لا تثق بنفسك فلا تنتظر أو تتوقع أن يثق بك الآخرون، لأن من لا يثق بنفسه لا يمكنه أن يظهرها فيراها الغير أصلًا، ففاقد الشيء لا يعطيه، ومن نافلة القول أن الثقة بالنفس شعور بتقدير الإنسان لذاته وإيمانه بقيمته وقدراته، واحساس يجعل الإنسان يتصرف بعفوية وتلقائية دون تكلف ولا خوف، وهي صفة مكتسبة لا يولد الإنسان بها وليست وراثية.

مناسبة حديثي هذا عن الثقة بالنفس هو ما ينتابني من حزن وأسى عندما أشاهد وألحظ موقف ما واعيشه مع بعض ممن حولي من زملاء وأصدقاء وأقارب ومعاناتهم مع ذوات أنفسهم وليس مع الغير، حيث يمتلك الكثير منهم العديد من القدرات العقلية والكفايات الحياتية والمهارات العملية والخبرات التراكمية الكافية لوضعه في موقع اجتماعي وأسري وعملي مرموق يليق بشخص يحمل كل هذه الصفات الرائعة، ولكن! (وضع تحت لكن مائة خط) تقف حجر عثرة أمام كل هذه المميزات وتسقطها بل وتمحوها وكأنها لم تكن في الشخص آفة (عدم الثقة بالنفس)، نعم رعاكم الله إنه مرض يحطم ويمسح كل تلك الصفات كيف لا وهي تجرد الإنسان من القدرة على اتخاذ القرار المناسب الكائن بالضرورة في الوقت المناسب ومن المواجهة مع المختلفين والنقاش مع المخالفين وصد المتخلفين. 

والسؤال المهم الذي يتبادر للذهن الآن عن ما هية الأسباب التي أدت بشخص إلى عدم ثقته بنفسه؟ والجواب وبكل بساطة ومباشرة يتمثل في التأثير السلبي لشخصين مهمين في حياة كل مخلوق على البسيطة وهما الأب والمعلم، فهما كفيلان بزرع أو نزع الثقة من نفس أية طفل وشاب، فالتربية الخاطئة على الخوف والضرب والتسلط والأوامر والنواهي لهي أسباب رئيسة لضعف شخصية الطفل وعدم ثقته بنفسه.
والسؤال الأهم هنا هل يمكن علاج هذا الوباء؟ الجواب نعم وبعدة طرق أولها الثقة بالله ثم التدريب العملي والقراءات الموجهة من قبل مختصين نفسيين، وتحقيق عدد من النجاحات المتتابعة، والمدح والثناء من المقربين، ومخالطة الناس الإيجابيين وتجنب الأشخاص المحبطِين السلبيين. 

وعليه ومن منطلق العلم في الصغر كالنقش في الحجر، أوصي جميع الآباء والمربين الاهتمام بخاصية زرع الثقة في نفوس الأبناء وتنميتها بالتدريب والتوجيه وعدم إضعافها، فمهما بلغ الشباب من العلم والأدب والخبرات بدون الثقة بالنفس لا فائدة ترجى ولا نجاح يتوقع ولا أهداف ستتحقق ولا بلد سينمو ويتطور ولا أمة سترتقي وتتقدم.

يقول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:  
ضحكت فقالوا ألا تحتشم    بكيت فقالوا ألا تبتسم
بسمت فقالوا يرائي بها     عبست فقالوا بدا ما كتم
صمت فقالوا كليل اللسان   نطقت فقالوا كثير الكلم
حلمت فقالوا صنيع الجبان    ولو كان مقتدراً لانتقم
بسلت فقالوا لطيشٍ به      وما كان مجترئاً لو حكم
يقولون شذ إذا قلت لا             وإمعًة حين وافقتهم
فأيقنت أني مهما أردت  رضا الناس لابد من أن أذم

ثق بنفسك يا صديقي ولا تلتفت لأحد كائنًا من كان، فكلام الناس يطير في الهواء كالدخان ثم يسقط على الأرض ويداس بالأقدام، فلماذا كل هذا الاهتمام؟

المستشار والكاتب:
محمد بن سعيد آل درمة
@mohammedaldermh